ونقول : إن السرور ليس مجرد اعتقاد ، بل هو حالة انفعالية ، وارتياح وانبساط ، وتلذذ قلبي وروحي ، يطفح حتى تظهر آثاره على الجوارح ، حركة وسلوكا. وتقابلها حالة الكبت ، والانكماش ، والأسى ..
وحالة السرور هذه تحتاج دائما إلى متعلق ، حيث يسر الإنسان بولده ، أو بماله ، أو بشفاء مريض ، أو بكرامة الله له .. وهذا يعني أن هذا السرور باق ببقاء متعلقه ، الذي يختزن المنشأ والمقتضي له ، وهو سبب حدوثه ..
فإكرامك إنسانا وخدمتك له ساعة ، سيكونان سببا في سروره طيلة هذه الساعة ، فإذا أكرمته يوما ، فسروره يبقى يوما أيضا .. وهكذا .. لأن السرور دائر مدار الوجود الفعلي لمتعلقه ، ومنشئه ، وبواعثه.
ولذلك نلاحظ : أن التعبير في الآية الشريفة هنا قد جاء بالتلقي ، الظاهر في إرادة التجدد المستمر ، والحدوث مرة بعد أخرى.
وبذلك يتضح : أن تفسير السرور باعتقاد وصول المنافع في المستقبل غير دقيق من جهتين :
الأولى : أن السرور ليس مجرد اعتقاد ، بل هو انفعال حقيقي ، وابتهاج فعلي ، ولذة قلبية حاضرة.
الثانية : أنه ليس سرورا بأمر سيحصل ، بل هو سرور بأمر حاضر ، قد حصل بالفعل ، فالسرور يدور مداره وجودا وعدما ، لأنه باق ببقائه ..
وإرادة بقاء هذا السرور تستلزم بقاء ما يوجبه ..
والذي يوجبه في مورد الآية هو أن من سجية الأبرار إطعام الطعام على حبه مسكينا ، ويتيما ، وأسيرا ، لوجه الله .. ومن سجيتهم الوفاء بالنذر ، ومن سجيتهم الخوف من ذلك اليوم العبوس القمطرير .. و.. الخ ..
فإذا كان هذا هو حالهم المستمر ، فإن نتيجته نضرة مستمرة ومتجددة ،