قوى الإدراك والتمييز عن هذا الطريق. وتتولى هذه القوة بيان الحدود والحالات والخصوصيات التي تميز ذلك الصوت ، عما عداه ، ويدرك كثيرا من الأمور المرتبطة بذلك الصوت فيدرك آثاره ، ويدرك أيضا أن ما يسمعه هو صوت طفل ، أو صوت رجل ، أو امرأة ، وأن صاحب هذا الصوت خائف ، أو مستبشر ، وأنه قريب أو بعيد ، وأنه في هوة بعيدة ، أو على رأس جبل .. وأن مصدره هو هذه الجهة أو تلك ..
كما أن بعض الأصوات حتى حينما تكون على درجة من الخفوت ، قد لا يستطيع الإنسان أن يتحملها ، ويشعر : أن قلبه يتقطع بسببها ، بل قد تصل حاله ـ لو استمرت ـ إلى درجة الانهيار .. كما أن بعض الأصوات تستفزه بصورة لا شعورية ، أو تؤثر على مشاعره ، فيتمايل طربا لها ، وقد يقوم بحركات لا شعورية ، انسياقا مع أنغامها المثيرة للطرب ، والمحركة لأحاسيسه. وقد توجب تلك الأصوات كآبته ، أو خوفه ، أو الانبساط والتراخي ، والاستسلام ، إلى آخر ما هناك ..
والصوت الذي تسمعه إذا كان آتيا من بعيد ، فإنه يتلاشى بصورة حقيقية. لكن ما تبصره في المبصرات لا يتلاشى .. حتى وإن رأيته صغير الحجم كالطائرة التي تراها وهي في علوها الشاهق ..
والبصر قد يقرّب لك البعيد ، ويبعّد لك القريب ، ويريك الكبير صغيرا ، والصغير كبيرا .. كما أن هذا البصر قد يخطىء في المبصرات ، بخلاف السمع ، فإنه أكثر دقة في إدراكه للمسموعات .. شاهدنا على ذلك :
أنك لو وضعت عصا نصفها في الماء ، ونصفها في خارجه ، فسترى أنها عوجاء ، كالمكسورة. كما أنك قد تجد أنها مرتفعة عن المستوى الذي يفترض أن تكون فيه ..