وإذا نظرت إلى حيوانات البحر ، كالسمك مثلا ، فإنك ترى السمكة في مكان ، مع أنها في واقع الأمر ليست فيه .. فهي تبدو قريبة إلى سطح الماء مع أنها بعيدة عنه ..
وفي حر الشمس ترى السراب الذي يبدو لك ، وكأنه مستنقع ماء ، حتى إنك لترى ظلال الأشجار وغيرها من الأجسام في ذلك السراب ..
وأما فيما يرتبط باختلاف درجات الإحساس من شخص لآخر .. فنوضحه بالمثالين التاليين :
الأول : لو دخل رجلان ، أحدهما مرهف الحسّ ، يرسم بريشته أبدع الصور وأجملها ، والآخر إنسان عادي ، إلى حديقة غناء ، من أجمل ما خلق الله .. فستجد اختلافا كبيرا في تلذذهما بتلك الحديقة ، تبعا لما يدركانه من جمالياتها ، فإن الفنان سيكون أعرف بجمالياتها ، وأشد ابتهاجا بها ، لأنه يدرك بصورة أعمق حالات التناسق ، ودقائق الصنع ، وبدائع التراكيب ذات الإيحاء التي تلامس شغاف القلب ، وتغمر النفس والروح بالرضى والبهجة ، وسيدرك الكثير من ميزات تلك الصورة العامة التي تتماوج جمالا بارعا ، وأخّاذا ، ورائعا ..
ولنفترض : أن طفلا تردى من شاهق أمام عيني أمه ، وعمه ، ورجل غريب ، ورجل جلاد يتولى تعذيب الأبرياء من السجناء في حكومة أهل الطغيان ..
فإن الصورة الذهنية لما يعانيه هذا الطفل واحدة عند كل هؤلاء. ولكن مما لا ريب فيه : أن انفعالهم ، وتحسسهم لما يعانيه ذلك الطفل من آلام ، لن يكون في مستوى واحد .. بل سيكون إحساس الأم بالألم أعظم من إحساس العم ، وإحساس العم به سيكون أشد من إحساس الرجل