ونعتقد أن الله تعالى إذا أراد شيئا فهو كان يحبه ويرضاه وإذا كره شيئا فإنه لا يحبه ولا يرضاه.
وتزعم المجبرة أن الله عزوجل قد يريد شيئا ويشاؤه ولا يحبه ولا يرضاه وأنه قد يكره شيئا ويحبه ويرضاه.
وهذه مناقضة لا تخفى على عاقل.
وكل ما ذهبنا إليه في الأفعال بما وصفناه وعددناه فالمعتزلة توافقنا عليه وتخالفنا المجبرة فيه وكل من قال الله لا يكلف عباده ما لا يطيقون ولا يعذبهم على ما لم يفعلوا فهو من أهل العدل ومن خالف في ذلك فهو من أهل الجور والجبر.
قبح التكليف بما لا يطاق
فصل من القول في أن الله تعالى لا يكلف عباده ما لا يطيقون
الذي يدل على أن الله تعالى لا يفعل ذلك أنا وجدنا قد قبحه في عقولنا لا لعلة من نهي أو غيره بل جعل العقول شاهدة بأنه قبيح لنفسه وما كان قبيحا لنفسه لا للنهي عنه فلن يجوز أن يفعله فاعل إلا وقد خرج من كونه حكيما ولو جاز أن يكلفنا سبحانه وتعالى ما لا نطيق لجاز أن يكلف الأعمى النظر والأخرس النطق والزمن (١) العدو ولجاز أن يكلف السيد منا عبده ذلك ويعاقبه على ما لا يقدر عليه وهذا واضح البطلان فعلم أنه لا يكلف أحدا من عباده إلا ما يطيقه ويستطيعه.
فإن قالوا إن تكليف ما لا يطاق قبيح وهو حسن من خالقنا لأن الخلق خلقه والأمر أمره و (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ).
قيل لهم فأجيزوا عليه الإخبار بالكذب وقولنا إن ذلك قبيح بيننا حسن من خالقنا لأن الخلق خلقه والأمر أمره و (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ).
_________________
(١) الزمن هو المقعد الذي لا يستطيع المشي.