بنا صائح الدهر فشق عصانا وفرق ملأنا وقد أتيتك في هذا اليوم أسألك ما أستعين به على صعوبة الوقت.
فبكى الملك وأمر لها بجائزة حسنة فلما أخذتها أقبلت بوجهها عليه فقالت إني محييتك بتحية كنا نحيا بها فأصغى إليها فقالت :
شكرتك يد افتقرت بعد غنى ولا ملكتك يد استغنت بعد فقر وأصاب الله بمعروفك مواضعه وقلدك المنن في أعناق الرجال ولا أزال الله عن عبد نعمة إلا جعلك السبب لردها والسلام.
فقال اكتبوها في ديوان الحكمة.
وروي أن أمير المؤمنين عليهم السلام مر على المدائن فلما رأى آثار كسرى وقرب خرابها قال رجل ممن معه :
جرت الرياح على رسوم ديارهم |
|
فكأنهم كانوا على ميعاد |
فقال أمير المؤمنين عليهم السلام :
أفلا قلت (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) الدخان : ٢٦ ـ ٢٩ (١)
فصل من المقدمات في صناعة الكلام :
اعلم أن المعدوم عندنا ليس بشيء ولا يكون الشيء إلا موجودا.
فإن قال لك قائل ما الشيء فقل هو الموجود.
فإن قال ما الموجود فقل هو الثابت العين في الوجود.
فإن قال ما المعدوم فقل هو ما خرج بانتفائه عن كونه شيئا.
_________________
(١) رواه نصر بن مزاحم في كتاب صفّين ح ١ صلى الله عليه وآله وسلم ١ ٤٣ ، وقال (عليهم السلام) بعد الآيات : إن هؤلاء لم يشكروا النعمة ، فسلبوا دنياهم بالمعصية ، إيّاكم وكفر المنعم ، لا يحل بكم النقم.