بسم اللّه الرحمن الرحيم
مقدمة
عاش أبو الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكيّ مؤلف هذا الكتاب «كنز الفوائد» الشطر الكبير من حياته ما بين النصف الأخير من القرن الرابع والنصف الأول من القرن الخامس للهجرة.
وكانت هذه الفترة التي عاشها الكراجكيّ بالذات حافلة إلى حدّ كبير بضروب من الانقسامات السياسية الهائلة ، وبقيام دول صغيرة ، منيت بها المملكة الإسلامية (الأم) ، وانفصلت عنها.
فقد استقل بنو بويه بفارس والري وأصبهان والجبل.
وأصبحت كرمان في يد محمّد بن الياس ، والموصل وديار بكر وربيعة ومضر في أيدي الحمدانيين ، والمغرب وأفريقيا في أيدي الفاطميين ، والأندلس في أيدي الأمويين ، وخراسان في يد السامانيين ، والأهواز وواسط والبصرة في أيدي البريديين ، واليمامة والبحرين في يد أبي طاهر القرمطي ، وجرجان وطبرستان في أيدي الديلم.
ولم يبق في يد العباسيين سوى بغداد وأعمالها ، محتفظين بسيادة معنوية على هذه الدويلات المنفصلة عنها ، التي كانت تقدم للخليفة العباسيّ في بغداد الدعاء والخطب في المساجد أيّام الجمع والأعياد وفي المناسبات الدينية ، وتشتري منه الألقاب (١).
_________________
(١) انظر : الحضارة الإسلامية في القرن الرابع لآدم متز ، ج ١ صلى الله عليه وآله وسلم ١ وما بعدها.