فقالوا حاكمنا إلى من شئت من حكام العرب فخرجوا إلى الشام يريدون أحد كهانها وعلمائها فأصابهم عطش شديد فأوصى بعضهم إلى بعض فبينا هم على ذلك إذ بركت ناقة عبد المطلب فنبع الماء من بين أخفافها فشربوا وتزودوا وقالوا لعبد المطلب إن الذي سقاك في هذه الأودية القفر هو الذي سقاك بمكة فرجعوا وسلموا له هذه المأثرة. (١)
بيان عن قول النصارى ومسألة عليهم لا جواب لهم عنها
اعلم أنهم يزعمون أن المسيح عليهم السلام مجموع من شيئين لاهوت وناسوت يعنون باللاهوت الله سبحانه وتعالى عما يقولون وبالناسوت الإنسان وهو جسم المسيح أن هذين اتحدا فصارا مسيحا.
ومعنى قولهم اتحدا أي صارا شيئا واحدا في الحقيقة وهو المسيح.
فيقال لهم أنتم مجمعون معنا على أن الإله قديم وأن الجسم محدث وقد زعمتم أنهما صارا واحدا.
فما حال هذا الواحد أقديم أم محدث؟
فإن قالوا هو قديم
قيل لهم فقد صار المحدث قديما لأنه من مجموع شيئين أحدهما محدث.
وإن قالوا هو محدث
قيل لهم فقد صار القديم محدثا لأنه من مجموع شيئين أحدهما قديم.
وهذا ما لا حيلة لهم فيه وليس يتسع لهم أن يقولوا بعضه قديم وبعضه محدث لأن هذا ليس باتحاد في الحقيقة ولا أن يقولوا هو قديم محدث لتناقض ذلك واستحالته ولا أن يقولوا ليس هو قديم ولا محدث فظاهر فساد ذلك أيضا وبطلانه.
_________________
(١) تجد قصة حفر زمزم ومنازعة قريش لعبد المطلب مروية في سيرة ابن هشام ج (١) صلى الله عليه وآله وسلم ١ ٥٤ = ١ ٥٨ بروايته عن عليّ عليه السلام مختلفة في أسلوبها عن رواية الكراجكيّ ومتفقة معها في المضمون.