ونفس العرض فهما اللذان فعلا فكانا جوهرا وعرضا بفاعلهما وإن قلتم إنهما شيء آخر غيرها فهل هي شيء أم ليست بشيء.
واعلموا أنكم إن قلتم إنها شيء لزمكم أن تكون في عدمها أيضا شيئا وإن قلتم إنها ليست بشيء نفيتم أن يكون الله تعالى فعل شيئا.
قالت المعتزلة هي أمر معقول ولم تزد على ذلك وأتت فيه بنظير ما أتى أصحاب الكسب المخلوق (١).
وجميع المعتزلة على هذا القول إلا أبو القاسم عبد الله بن أحمد البلخي فإنه يرى أن الأشياء قد كانت كلها في عدمها أشياء ولم تكن جواهر ولا أعراضا ولا ذواتا وإنما جعلت كذلك بفاعلها ولم تكن أشياء بفاعلها فقد تبين لك رأى المعتزلة في هذا.
نظرية الأصلح
فصل من الكلام في الأصلح = وقد اشتهر عن المعتزلة أنها من أهل العدل وذلك لقولها إن الله تعالى لا يكلف العبد إلا ما يستطيع.
ولها مع ذلك قول تنسب الله عزوجل فيه إلى الأمر القبيح وتضاد به ما أوجبه الدليل من وصفه بالحسن الجميل وهو ما ذهب إليه الجبائي وابنه عبد السلام ومن وافقها وهم اليوم أكثر المعتزلة من أن الله تعالى وإن كان عدلا كريما فإنه لا يفعل بخلقه الأصلح ولا يتفضل عليهم بالأنفع وإنه يقتصر بهم من النفع والصلاح على نهاية غيرها أفضل منها وأصلح مع حاجتهم إلى ما يمنعهم إياه من الصلاح أو فقرهم إلى المنافع التي حرمهم إياها من الإنعام والإحسان وهو قادر على ما يحتاجون إليه ومع ذلك هو غني عن منعه عالم بحسن بذله وفعله والعباد يتضرعون إليه في التفضل عليهم به فلا يرحم
_________________
(١) هم القائلون بأن للعبد إرادة مقارنة لإرادة اللّه تعالى التي هي الفاعلة فقط دون إرادة العبد ، غاية ما هناك أن إرادة العبد المفترضة هي المصحّحة للثواب والعقاب وإن لم يكن لها أي أثر في وجود الأفعال وتسمى هذه الإرادة أو هذه القدرة بالكاسبة أي التي بها يكتسب العبد التكليف والثواب والعقاب.