فقال لهم أهل العدل :
وقد هربتم من أن تقولوا بأحد هذه الأقسام لبطلانه وصرتم إلى ادعاء ما لا تتصور العقول صحته بل يشهد بفساده وبطلانه فأخبرونا ما الفرق بينكم في قولكم إن صفاته لا هي هو ولا غيره ولا بعضه.
قالت المجبرة هذا القول مناقضة.
قالت العدلية :
وقولكم في التناقض مثله وأي شيء أردتموه في إبطال ما عارضناكم به فقولكم يبطل بمثله.
وقد قالت المجبرة أيضا في نصرة مذهبها :
إنا لم نر عالما إلا وله علم ولا قادرا إلا وله قدرة فلما كان الله عالما قادرا وجب أن يكون له علم وقدرة.
قال لها أهل العدل :
إنكم إنما عولتم في ذلك على الشاهد فقولوا إن علم الله تعالى غيره وكذلك قدرته غيره لأنكم لم تروا في الشاهد عالما وقادرا إلا وهذا حكمه وقولوا أيضا إن علم الله تعالى محدث وكذلك قدرته وجميع صفاته لأنكم لم تروا ذات صفات إلا وصفاته محدثة فاحتالوا في الخلاص مما لزمكم على سنن قياسكم.
بيان صفات الأفعال
اعلم أن صفة الفعل هي كل صفة داخلة في باب المضاف ومعنى ذلك أن يكون يقتضي وجود غير الموصوف كقولنا إله ورب ومالك وفاعل وجواد ورزاق وراحم ومتكلم وصادق ونحو ذلك.
لأنا قد بينا أن الإله واله والواله لا يكون إلا موجودا والرب يقتضي مربوبا وكذلك مالك يقتضي وجود المملوك لأنه لا يقال قد ملك المعدوم وفاعل صفة لا شبهة في أنها لا تصح إلا إذا وجد المفعول نعوذ بالله من القول