بأن القديم لم يزل فاعلا لأن ذلك يقتضي أنه لم يتقدم أفعاله فيصير الفاعل قديما وجميع صفات الأفعال جارية هذا المجرى لمن تأملها.
ألا ترى لو قلنا إنه جواد فيما لم يزل اقتضى ذلك فعله للجود فيما لم يزل ووجود من يجود عليه أيضا فيما لم يزل.
وكذلك قولنا متكلم يقتضي وجود كلام إذا تكلم فكلام الله تعالى أحد أفعاله كما أن رزقه أحد أفعاله وهو موجود قبل كلامه.
فأما صادق فلا يصح إلا بعد صحة التكلم والجميع صفات أفعال على ما تبين.
فصل في فروق صفة الذات وصفة الفعل
الفروق بينهما كثيرة :
فمنها أن تنظر الصفة التي تصف الله تعالى بها فإن كانت داخلة في باب المضاف فهي نفسية كقولنا موجود وقديم وباق وحي.
وكذلك إن كانت تقتضي إضافته إلى أمر غير موجود كقولنا قادر فالقادر لا يكون إلا على مقدور ولكن المقدور غير موجود.
ويجري مجرى ذلك قولك عالم لأنه لا يكون عالما إلا بمعلوم وقد يصح أن يكون المعلوم معدوما غير موجود.
فأما ما سوى ذلك من الصفات الداخلة في باب المضاف المقتضية إثبات غير الموصوف مما يكون موجودا غير معدوم فكلها صفات أفعال.
فرق آخر
ومنها أن كل صفة تصف الله تعالى بها ولا يجوز أن يدخلها التخصيص فتثبتها له في حال وتنفيها منه في أخرى فهي صفة نفسية كقولك موجود وحي وقادر وعالم فإنه لا يجوز أن ينتفي عنه ولا يتخصص شيء من ذلك.
وكل صفة تصفه بها ويجوز التخصيص فيها فتثبتها في حال وتنفيها عنه