لما ليس من فعله تعالى بطريق الاستعارة والمجاز وقول القائل يريد مني فلان المصير إليه أنما معناه أنه يأمرني بذلك ويأخذني به وأرادني فلان على كذا أي أمرني به فقولنا : إن الله يريد من عباده الطاعة أنما معناه أنه يأمرهم بها. وقد تعبر بالإرادة عن التمني والشهوة مجازا واتساعا فيقول الإنسان أنا أريد أن يكون كذا أي أتمناه وهذا الذي كنت أريد أن يكون كذا أي أتمناه وهذا الذي كنت أريده أي أشتهيه وتميل نفسي إليه.
والاستعارات في الإرادات كثيرة فأما كراهة الله تعالى للشيء فهو نهيه عنه وذلك مجاز كالإرادة فأعلمه.
القول في الغضب والرضا
وهاتان صفتان لا تصح حقيقتهما إلا في المخلوق لأن الغضب هو نفور الطباع والرضا ميلها وسكون النفس ووصف الله تعالى بالغضب والرضا أنما هو مجاز والمراد بذلك ثوابه وعقابه فرضاه وجود ثوابه وغضبه وجود عقابه (١) فإذا قلنا رضي الله عنه فإنما نعني أثابه الله تعالى وإذا قلنا غضب الله عليه فإنما نريد عاقبه الله فإذا علق الغضب والرضا بأفعال العبد فالمراد بهما الأمر والنهي نقول إن الله يرضى الطاعة بمعنى يأمر بها ويغضب من المعصية بمعنى ينهى عنها.
القول في الحب والبغض
وهاتان الصفتان أنما يوصف الله تعالى بها مجازا لأن المحبة في الحقيقة ارتياح النفس إلى المحبوب والبغض ضد ذلك من الأوزاع والتنفر الذي لا يجوز على القديم فإذا قلنا إن الله عزوجل يحب المؤمن ويبغض الكافر فإنما نريد بذلك أنه ينعم على المؤمن ويعذب الكافر وإذا قلنا إنه يحب من عباده
_________________
(١) وبهذا المعنى وردت عدة أحاديث منها ما في حديث هشام بن الحكم عن الصادق (عليهم السلام) : قال (عليهم السلام) من حديثه : فرضاه ثوابه ، وسخطه عقابه من غير شيء يتداخله فيهيجه وينقله من حال إلى حال ، التوحيد للصدوق صلى الله عليه وآله وسلم ١ ٦٠).