فصل في فضل اقتناء الكتب
قال بعض الحكماء الكتب أصداف الحكم تنشق عنها جواهر الشيم.
وقيل لآخر ما بلغ من شهوتك للكتب ورغبتك في قراءتها فقال إذا نشطت فهي لذتي وإذا اغتممت فهي سلوتي.
وقال آخر ما ورثت الأسلاف للأخلاف كنوزا أفضل من الكتب ولا حلت الآباء الأبناء حليا أجمل من الأدب.
وليم آخر على إنفاذ المال في الكتب وترك الولد بغير عقل فقال إني أعتقد لهم كتب علوم تخلص أرواحهم لأعق أموال تنعم أشباحهم.
وقيل لآخر فلان مات وما خلف لولده إلا كتبا فقال لقد خلف لهم مآثر لا تعفوها الأيام وترك لهم موارث لا تنفدها الأعوام.
وقال بعض المصنفين في فضل الكتب واقتنائها :
اعلم أن الكتاب قيد على الناس علم الدين وأخبار الأولين مع خفة محمله وصغر جثته صامت ما أسكته بليغ ما استنطقته ومن بمسامر لا يبتديك في حال شغلك ولا يدعك في أوقات نشاطك ولا يحوجك إلى التجمل له والتذمم منه.
ومن لك بزائر إن شئت جعل زيارته غبا ووروده حبا وإن شئت لزمك لزوم ظلك فكان منك مكان بعضك.
والكتاب هو الذي إذا نظرت فيه أطال إمتاعك وشحذ طباعك وبسط لسانك وجود بيانك وفخم ألفاظك وعمر صدرك ومنحك صداقة الملوك وتعظيم العوام وعرفت به في شهر ما لا تعرفه من أفواه الرجال في دهر.
_________________
(١) في النسخة : جسما.