ووجه آخر :
ولو رفعنا الدليل العقلي الذي أوردناه مع تسليم ما ذكرناه وقدمناه لم يدفع ذلك وجوب الحاجة إلى الإمام ولا جاز معه أن تعدمه الأنام.
لأن الأمة مجمعة على أن في الشريعة أحكاما تفتقر إلى من ينفذها وحدودا على الجناة تحتاج إلى من يتولاها.
وهي مقرة بأن الله تعالى ما جعل ذلك لها وأنه لا يسع ولا يجوز إهمالها وتركها فوجب أن يكون للناس إمام في كل زمان ينفذ الأحكام ويقيم حدود شريعة الإسلام حافظا للبيضة من الكفار دافعا عن المسلمين أسباب الأذى والمضار يسير فيهم بالهدى والصواب لا يتعدى ما يوجبه العقل والكتاب والحمد لله قد أوردت لك أيها الأخ الفاضل أدام الله توفيقك ما حضرني من وجوه الأجوبة عن هذا السؤال وفي بعضه كفاية وبيان لمن أراد الاستدلال والحمد لله وصلواته على سيدنا محمد رسوله وآله وسلامه وحسبي (اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
فصل من الحديث :
حدثنا الشيخ أبو الحسن بن أحمد بن علي بن شاذان القمي قال حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الدين عباس قال حدثنا محمد بن عمر قال حدثنا الحسن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن العباس الرازي قال حدثني علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى عن أبيه جعفر عن أبيه محمد عن أبيه علي عن أبيه الحسين عن أبيه أمير المؤمنين عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
من مات وليس له إمام من ولدي مات ميتة جاهلية يؤخذ بما عمل في الجاهلية والإسلام. (١)
_________________
(١) روى هذا الحديث الصدوق القمّيّ في كتاب عيون خبار الرضا ج ٢ صلى الله عليه وآله وسلم ٥٨. وروى البرقي في كتاب المحاسن صلى الله عليه وآله وسلم ١ ١ ٦ = ١ ١ ٧ عدة أحاديث بهذا المعنى
وصرّح الشهيد الثاني في حقائق الايمان صلى الله عليه وآله وسلم ١٦١ بأنّه من مشاهير الأحاديث بين السنة والشيعة ، وأن السنة أوردوه في كتب أصولهم وفروعهم ، وصرّح الشيخ المفيد في كتاب الإفصاح صلى الله عليه وآله وسلم ٣ بأنّه هذا الحديث متواتر ، وعن الحميدي أنّه أخرجه في الجمع بين الصحيحين ، وعن الحاكم النيسابوريّ أنّه أخرج عن ابن عمر انظر : منتخب الأثر صلى الله عليه وآله وسلم ١٥ هامش.