بنفسه فيجب أن يكون كل من طرقه الخبر علم صحته حتى لا يوجد الخلف فيه ولسنا نجد ذلك (١) وإن قلتم علمنا صحة الخبر بخبر آخر فهذا يؤديكم إلى ما لا يتناهى (٢)
فإن قالوا فأنتم إذا عرفتم صحة النظر والعقل بنظر وعقل فقد وجب أن يؤديكم هذا أيضا إلى ما لا يتناهى.
قيل لهم إنا لا نزعم أنا عرفنا صحة النظر والعقل بنظر وعقل غيرهما بل نعرف صحتهما بها.
وذلك أنا نعرف بهما أن كل نظر لزم صاحبه السنن والترتيب ولم يمل به هواه ولا إلفه وعصبيته فهو صحيح وكل علم بني على ما في بداية العقول فغير فاسد فيكون هذا النظر نفسه داخلا فيما شهد بصحته إن كان حكمه ذلك.
فصل ما جاء في الحديث في العقل
أخبرني شيخي أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن علي المعروف بابن الواسطي رضي الله عنه قال أخبرني أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري قال أخبرني أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن الإمام الصادق أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
_________________
(١) وخلاصة ذلك أن العلم بصحة الخبر من لوازم ذات الخبر نفسه فينبغي أن لا يختلف اثنان في صحته ، وهو خلاف الواقع على أن هذا من الدور الباطل لتوقف الشيء على نفسه.
(٢) الأولى في الجواب أن يقال أن العلم أو النظر لا بدّ لإثبات صحته من سبب صحيح معلوم ، ولا يمكن أن يكون بديهيا دائما وإلّا لما جهل ولما وقع الخلاف فيه ، ولا يكون كسبيا نظريا دائما لأنّه هو نفسه محتاج إلى سبب صحيح مثبت له أيضا فإن استند إلى كسبي مثله وذهب إلى ما لا نهاية لزم التسلسل وإن رجع لزم الدور ، بل لا بدّ أن يستند إلى ما هو بديهي بنفسه ومن هنا قيل إن ما بالعرض لا بدّ أن ينتهي إلى ما بالذات.