فإن اعتقدوا ذلك وجب أن لا يثقوا بشيء مما تضمنه القرآن من الأخبار وإن امتنعوا طولبوا بعلة الامتناع.
فمهما قالوه في قبح الإخبار بالكذب من قول قيل لهم قد قبح تكليف ما لا يطاق مثله.
فأما ما يشهد من القرآن بأن الله تعالى لا يكلف ما لا يطاق فقوله سبحانه :
(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) البقرة : ٢٨٦
وقوله عزوجل
(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) الطلاق : ٧
فصل من القول في أن القدرة على الإيمان هي قدرة على الكفر
مما يدل على ذلك أن الكافر مأمور بالإيمان فلو كانت قدرة الإيمان ليست معه كان قد كلف ما لا يطيقه وقد تقدم القول في فساد هذا.
وإذا كانت معه فلا يجوز أن تكون غير قدرة الكفر الحاصلة له لما في ذلك من اجتماع الضدين فعلم أنها قدرة واحدة تصلح للضدين على أن يفعل بها ما يتعلق به اختيار المكلف منها.
فإن قالوا إذا كانت قدرة على الضدين فيجب أن يفعلهما معا.
قيل لهم لا يجب ذلك لأن القدرة غير موجبة للفعل والقادر بها مخير غير مجبر.
فإن قالوا : فجوزوا أن يختارهما فيفعلهما.
قيل لهم : هذا غير صحيح ولا جائز لأن الاختيار هو أن يختار أحدهما على الآخر فيفعله بدلا منه ولا يصح ذلك فيهما معا.
وبعد فهما ضدان وكل واحد منهما ترك لصاحبه فلا يصح أن يوجدا في حال واحد معا وقد أجمع المسلمون على أن الله تعالى يقدر على أن يبقي العبد