على حاله ويغنيه ويحييه ويميته ولا يجوز أن يفعل ذلك أجمع في وقت واحد.
فإن قيل فإذا كان الله تعالى قد أعطى العبد قدرة تصلح للكفر فقد أراد الكفر منه.
قلنا ليس الأمر كذلك لأن الله سبحانه إنما أعطاه القدرة ليطيع بها مختارا فلو كانت لا تصلح إلا للطاعة لكان في فعلها مضطرا ومثل القدرة كمثل السيف الذي يعطيه السيد لعبده ليقتل به أعداءه وهو يصلح أن يقتل به أولياءه وكالدراهم التي تصلح أن تنفق في الطاعة والمعصية ويدفع إلى من ينفقها في الطاعة وينفقها في المعصية والقدرة معنى تحل القادر يصح به الفعل وهي القوة وهي أيضا الاستطاعة.
فصل من القول في أن القدرة على الفعل توجد قبله
الدليل على أن القدرة متقدمة في الوجود للفعل أنها يحتاج إليها ليحدث بها الفعل ويخرج بها من العدم إلى الوجود فمتى وجدت والفعل موجود فقد وجدت في الاستغناء عنه (٢).
ومما يدل على تقدمها أنها لو كانت مع الفعل كان الكافر غير قادر على الإيمان لأنه لو قدر عليه لكان موجودا منه على هذا المذهب فكان يكون مؤمنا في حال كفره وهذا فاسد.
ولو لم يكن قادرا على الإيمان لما حسن أن يؤمر به ويعاقب على تركه لما قدمناه من قبح تكليف ما لا يطاق وبطلانه.
وقد قال أصحابنا مؤكدين القول بتقدم القدرة على الفعل فيمن كان في يده شيء فألقاه إن استطاعة الإلقاء لا تخلو من حالتين إما أن تأتيه والشيء في يده أو تأتيه وهو خارج عن يده فإن كانت تأتيه والشيء في يده فقد صح
_________________
(١) هكذا في النسخة
(٢) هذا بيان لعدم صحة القول بمقارنة القدرة للمقدور.