شبهة للبراهمة في النبوة (١)
اعتلت البراهمة في إبطال الرسالة بأن قالت :
ليس يخلو أمر الرسول من حالين :
إما أن يأتي ما يدل عليه العقل أو بخلافه فإن أتى بما في العقل كان من كمل عقله غنيا عنه لأن الذي يأتيه مستقر عنده موجود في عقله.
وإن أتى بخلاف ما في العقل فالواجب رد ما يأتيه به لأن الله تعالى إنما خلق العقول للعباد ليستحسنوا بها ما استحسنت ويقروا بما أقرت وينكروا ما أنكرت.
نقض يقال لهم إن الرسول لا يأتي أبدا بما يخالف العقل غير أن الأمور في العقول على ثلاثة أقسام واجب وممتنع وجائز.
فالواجب في العقل يأتي السمع بإيجابه تأكيدا له عند من علمه وتنبيها عليه لمن لم يعلمه.
والجائز هو الذي يمكن في العقل حسنه تارة وقبحه تارة كانتفاع الإنسان بما يتملكه غيره فإنه يجوز أن يكون حسنا إذا أذن له فيه مالكه وقبيحا إذا لم يأذن له وكل واحد من القسمين جائز في العقل لا طريق إلى القطع على أحدهما إلا بالسمع.
ومن الأمور التي لا يصل العقل إليها أيضا فيها إلى القطع على العلم بأدوية الأعلال ومواضعها وطبائعها وخواصها ومقاديرها التي يحتاج إليه منها وأوزانها.
فهذا مما لا سبيل للعقل فيه إلى حقيقة العلم وليس يمكن امتحان كل ما في البر والبحر ولا تحسن التجربة والسير لما فيها من الخطر المستقبح.
فعلم أن هذا مما لا غناء فيه عن طارق السمع.
_________________
(١) هم أكثر الهندوس في الهند ينتسبون إلى برهام وهم أهل نحل عديدة ولهم شبهات على إرسال الرسل وإبطال النبوات وتجد شرح مذاهبهم في الملل والنحل.