(فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) الشعراء : ٣٢
وقال ما معنى هذا الاختلاف في وصف العصا وقد أخبر في إحدى الآيتين أنها كانت كالجان والجان الحية الصغيرة وذكر في الآية الأخرى أنها ثعبان مبين والثعبان الحية العظيمة فكيف تكون في خبر واحد بهاتين الصفتين المتباينتين؟
جواب قلنا قد أجيب عن هذا السؤال بأن موسى عليهم السلام لما ألقى العصا جعلها الله تعالى على صفة الجان في سرعة حركتها وقوتها وكثرة نشاطها وعلى صفة الثعبان في عظم خلقها وهول منظرها وكبر جسمها فاجتمع فيه الوصفان لها فليس تشبيهها لها بالجان في إحدى الآيتين بموجب أن يكون لشبهة في جميع صفاته ولا تشبيهه لها بالثعبان في الآية الأخرى بدليل على أنها تماثله في سائر حالاته وعلى هذا الجواب لا تباين في الآيتين بحمد الله ومنه.
ووجه آخر
وقد أجيب عن ذلك بجواب آخر وهو أن الآيتين ليستا خبرا عن حالة واحدة بل لكل واحدة منهما حال منفردة.
فالحال التي كانت العصا فيها كأنها جان كانت في ابتداء النبوة وقبل مصير موسى عليهم السلام إلى فرعون مؤديا للرسالة.
والحال التي صارت العصا فيها ثعبانا كانت عند لقائه وإبلاغه الرسالة وعلى هذا تدل التلاوة ولم يبق في المسألة شبهة والمنة لله.
فصل
وروي في الحديث أن فضال بن الحسن بن فضال الكوفي مر بأبي حنيفة وهو في جمع كثير يملي عليهم شيئا من فقه حديثه فقال فضال لصاحبه كان معه والله لا أبرح حتى أخجل أبا حنيفة.