فصل في البلوغ
وأما ما ظن الخصوم من أن البلوغ إلى درجة التكليف هو الاحتلام وقولهم أن أمير المؤمنين عليهم السلام لم يكن بلغ وقت إسلامه مبلغ المحتلمين فلا يكون من المكلفين.
فظن غير صحيح ولو كان الأمر كما زعموه لكان كل من بلغ الحلم مكلفا ونحن نعلم فساد ذلك لوجود بالغين من البله والمجانين غير مكلفين.
والواجب الذي ليس عنه محيد أن يقال إن وجود العقل في الإنسان وصحة التمييز منه والإدراك شرط في وجوب تكليف العقليات من النظر والاستدلال ومعرفة ما لا يسع جهله من الأمد والواجبات واعتقاد الحق بأسره وإدراك الصواب.
وشرط أيضا في صحة تعلق [تكليف] (١) العبادات السمعيات وإن كان أكثرها يسقط عمن لم يبلغ الاحتلام ولا (٢) يعلم سقوطه إلا من جهة السمع الوارد دون ما سواه.
ولم يكن المشروع (٣) كله حاصلا في ابتداء البعثة ولا أتى الوحي وقت إسلام أمير المؤمنين عليهم السلام لجميع العبادات السمعية فيعلم ما هو لازم.
لمن لم يبلغ مما هو غير لازم فأما التكليف الواجب في العقول فلا يجوز أن يسقط عمن له عقل وتحصيل ... (٤) إذ هو بلوغ حد التكليف.
وقد بينا أن أمير المؤمنين عليهم السلام كان كامل العقل وهو ابن عشر سنين
_________________
(١) النسخة خالية من كلمة تكليف وأضفناها تصحيحا للمعنى.
(٢) في النسخة : وإن يعلم ووضعنا مكانها كلمة (ولا يعلم) تصحيحا للمعنى.
(٣) في النسخة للمشروع.
(٤) هنا كلمتان غير واضحين المراد.