وأكف لأيدي الظالمين وأحرس لأنفس المردوعين ووجود الهرج بينهم ووقع الفتن منهم.
والعلم بما ذكرناه في ذلك مبني على الضرورات والتنبيه عليه مع ظهوره يغني عن الإطالة والزيادات وقد أتقن الكلام في هذه المسألة مشايخنا رضي الله عنهم ولم يدعوا للخصوم شبهة تستغرب منهم.
دليل على وجوب العصمة
وأما الدليل على وجوب عصمة الإمام فهو أن علة الحاجة إليه أن يكون لطفا للرعية في الصلاح ليصدها عن ارتكاب القبائح والفساد ويردها إلى فعل الواجب والسداد حسبما تقدم به الذكر في وجوب الحاجة إليه في كل عصر وهذا يقتضي أن لا تكون علة الحاجة إليه موجودة فيه فإنه متى جاز منه القبيح وفعل غير الجميل كان فقيرا محتاجا إلى إمام متقدم عليه ويمنعه مما هو جائز منه ويأخذ على يديه ويكون الكلام في إمامته كالكلام فيه حتى يؤدي ذلك إلى المحال من وجود أئمة لا يتناهون أو إلى الواجب من وجود إمام معصوم فعلم أن علة الحاجة إليه غير موجودة فيه والحمد لله.
دليل آخر على ثبوت عصمة الإمام
وما يعلم به ثبوت العصمة للأئمة أن الإمام قدوة في الدنيا والدين واتباعه مفترض من رب العالمين فوجب أن لا يجوز الخطأ والزلل عليه وإلا كان الله تعالى قد أمر باتباع من يعصيه ولو لا استحقاقه العصمة لكان إذا ارتكب المعصية يتضاد مع التكليف على الأمة وتصير الطاعة منها معصية والمعصية طاعة وذلك أنها مأمورة باتباعه والاقتداء به فمتى اتبعته في المعصية امتثالا للمأمور من الاقتداء لكانت من حيث الطاعة عاصية لله سبحانه ومتى خالفته ولم تقتد به طلبا لطاعة الله تعالى كانت أيضا عاصية لمخالفتها لمن أمرت بالاقتداء به واتباعه وفي استحالة جميع ذلك دلالة على عصمته.
_________________
(١) في النسخة الرادعين.