قيل لهم قد أعلمناكم أنه لا جميع له في الحقيقة ولا سائره إذ ليس له آخر (١) والذي وعدهم الله به هو نعيم متصل غير منقطع فلو وجد حتى لا يبقى منه شيء ينتظر لكان في الحقيقة لم يف لهم بما وعده.
فإن قالوا إن الأفعال الماضية أيضا لا كل لها في الحقيقة لاستحالة حصرها.
قيل لهم ولم زعمتم ذلك وقد سلمتم لنا أنها قد دخلت في باب الوجود عن آخرها واشتمل الحدوث عليها.
مسألة على الملحدة
يقال لهم أخبرونا عن الشمس أليس لم تتحرك بحركة حتى تحركت قبلها بحركات لا نهاية لها؟
فإن قالوا بلى قيل لهم فإذا جاز أن تفرغ الحركات التي لا نهاية لها وتحركت الشمس بها كلها حتى تنتهي إلى آخرها فإلا جاز أن تتحرك بالحركات المستقبلة كلها حتى تفرغ منها وتقف عند آخرها ولا يبقى مستقبل بعدها.
فإن قالوا إن المستقبلات لا كل في الحقيقة لها.
أجابوا بمثل قولنا ثم لم ينفعهم ذلك فيما سألنا لأن الفراغ مما لا نهاية له قد صح عندهم وهو غير صحيح عندنا إذ يلزمهم تقضي المستقبلات حتى توقف عند آخرها.
فإن قالوا إن الشمس تتحرك بحركة واحدة باقية دائمة قيل لهم إنه ليس يلزمنا قبول ما لا طريق إلى فهمه ولا سبيل لمدعيه إلى إثبات علمه وهذا الذي زعمتموه دعوى عارية من برهان.
وبعد فإنا إذا لم ننازعكم في ذلك نسألكم :
فنقول ألستم معترفين بأن الشمس قد دارت الفلك قبل هذه الدورة التي هي فيها دورات لا نهاية لها
_________________
(١) في الأصل (أخرى).