فأقبلت الطير الأبابيل في منقار كل طير حجر وفي رجليه حجران فكان الطائر الواحد يقتل ثلاثة من أصحاب أبرهة كان يلقى الحجر في قمة رأس الرجل فيخرج من دبره. (١)
وقد قص الله تبارك وتعالى نبأهم فقال سبحانه :
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) (٢) السجيل الصلب من الحجارة والعصف ورق الزرع ومأكول يعني كأنه أخذ ما فيه من الحب فأكل وبقي لا حب فيه.
وقيل إن الحجارة كانت إذا وقعت على رءوسهم وخرجت من أدبارهم بقيت أجوافهم فارغة خالية حتى يكون الجسم كقشر الحنطة.
وبإسناده عن ابن جمهور رحمهالله قال حدثني أبي قال حدثني علي بن حرب بن محمد بن علي بن حيان بن مازن الطائي قال حدثني عمر بن بكر عن أحمد بن القاسم عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس قال :
لما ظفر سيف بن ذي يزن واسمه النعمان بن قيس بالحبشة وذلك بعد مولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسنتين أتته وفود العرب وأشرافها وشعراؤها تهنيه وتمدحه وتذكر ما كان من حسن بلائه وطلبه بثار قومه فأتاه فيمن أتاه وفد قريش وفيهم عبد المطلب بن هاشم وأمية بن عبد شمس وعبد الله بن جدعان وخويلد بن أسد بن عبد العزى في أناس من وجوه قريش فقدموا عليه صنعاء (٣) فإذا هو في رأس غمدان (٤) وهو الذي ذكره أمية بن
_________________
(١) تجد هذه القصة مروية في مجالس الشيخ المفيد بإسناده إلى عبد اللّه بن سنان عن الصادق (عليهم السلام) مع اختلاف في أسلوبها صلى الله عليه وآله وسلم ١ ٨٤ = ٦٨٦.
(٢) سورة الفيل
(٣) هي احدى عواصم اليمن القديمة نزلها الأحباش بعد استيلائهم على اليمن ، ولا تزال إلى اليوم عاصمة اليمن الكبيرة.
(٤) غمدان أحد القصور الشهيرة في اليمن ، وهو في صنعاء وقد بناه اليشرح بخضب ٣٥ = ١ ٥ ق. م. على رواية الهمداني وياقوت وظل باقيا إلى أيّام عثمان بن عفان ، وكان مؤلّفا من عشرين طبقة ، وممّا قيل في وصفه.