رأي الجبائي ومن تبعه من المعتزلة في الترك ومناقشة المصنف له
فصل من الكلام في الترك
وقد اختار عبد السلام الجبائي لنفسه قولا قبيحا ضاهى فيه قول المجبرة إن الله تعالى يعذب العبد على ما لم يحدثه وزاد عليهم بأنه قال إنه يعذب العبد من غير فعل فعله ولا شيء اكتسبه.
وذلك لأنه يقول إن ترك الطاعة التي افترضها الله تعالى وأوجبها يجوز أن لا يكون فعلا ثم يعذب الله تعالى العبد لأنه ترك وإن لم يكن ترك شيئا لا فعلا ولا كسبا.
وهذا قول انفرد به ورأي استحدثه ثم تبعه معظم المعتزلة عليه من بعده.
والذي يدل على أن الله تعالى لا يعذب العبد إلا على فعل فعله أنا رأينا العذاب أنما يستحقه من يستحق الذم واللوم ورأينا في الشاهد أنا لا نستحسن ذم أحد إلا وقد استقبحنا حالا حصل المذموم عليها متى ارتفعت من أوهامنا ارتفع استحساننا لذمه ومتى حصلت حسن ذمه حتى أنه متى خفي أمره فلم يعلم على أي حال هو لم يستحسن حمده ولا ذمه إلا بتعليقه بحال ما حصل عليها نستحسنها في عقولنا أو نستقبحها فنقول إن كان على كذا حسن حمده وقبح ذمه وإن كان على كذا حسن ذمه وقبح حمده.
وكذلك من انتهى إلى آخر أوقات الظهر حتى تيقن أنه لم يبق من وقته إلا مقدار أربع ركعات من أخف ما يجزى وهو قادر ممكن ذاكر للواجب عليه من الصلاة فلم يصل فإن العقول لا تمتنع من استقباح حال هذا الإنسان على أي هيئة حصل عليها من اضطجاع أو قعود أو قيام أو مشي أو غير ذلك من الهيئات التي لا تصح معها الصلاة.
وقد علمنا أن الاستقباح يتعلق بمستقبح فقد وجب أن يكون هناك