ويشهد بصحة ذلك قول الله عزوجل:
(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) بمعنى وتتركون أنفسكم.
فصل :
من الفرق بين مذهبنا ومذهب المجبرة في الأفعال التي نعتقدها. (١)
أن الله تعالى لا يكلف عباده ما لا يطيقون ولا يثيبهم ولا يعاقبهم إلا على ما يفعلون.
وأن الإيمان فعل المؤمن وأن الكفر فعل الكافر.
وتزعم المجبرة أن الله تعالى يكلف العبد ما لا يطيقه ويأمره بما لا يقدر عليه ولا يتأتى منه ويثيبه ويعاقبه على ما لم يفعله والإيمان والكفر فعلان لله تعالى.
ونعتقد أن القدرة التي أعطاها الله تعالى للعبد هي قدرة على الإيمان والكفر وأنه يفعل بهما أيهما شاء باختياره ولا يصح أن يفعلهما معا في حال واحدة لتضادهما فحصل من هذا أن الذي أمره الله بالإيمان ونهاه عن الكفر قادر على ما أمره به ونهاه عنه وصح أنه سبحانه لا يكلف العبد إلا بما يستطيعه.
وتزعم المجبرة أن القدرة التي أعطاها الله عزوجل للعبد لا تصلح إلا لشيء واحد إما للإيمان وإما للكفر.
وأن قدرة الإيمان تضاد قدرة الكفر ولا يصح اجتماعهما معا.
فالذي معه قدرة الإيمان قد كلف ترك الكفر وهو غير قادر عليه والذي معه قدرة الكفر قد كلف فعل الإيمان ولا قدرة معه عليه فحصل من هذا تكليف ما لا يطاق وإلزام ما لا يستطاع تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ونعتقد أن القدرة على الفعل توجد قبله وأن الفعل يوجد بعدها
_________________
(١) في الأصل نعتقده.