وعلمنا سبحانه كيف تقول (وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) ونحن نعلم أنه لا يكلف عباده ما لا يطيقون.
وقد شهد بذلك قوله عزوجل:
(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) البقرة : ٢٨٦.
وإنما جازت العبادة بذلك ونحوه لما فيه من التذلل والخضوع والاستكانة والخشوع فيجوز على هذا الوجه أن نسأله أن يهدينا الصراط المستقيم بمعنى يدلنا عليه وإن كان قد دل وهدى جميع المكلفين قال الله تعالى :
(وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى) فصلت ١٧.
مسألة لهم
قالت المجبرة ما معنى قول الله تعالى :
(رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) وكيف يجوز أن يتعبدنا بالدعاء وعندكم أن النسيان من فعله سبحانه ولا تكليف على الناس في حال نسيانه.
جواب
يقال للمجبرة لسنا نحيل أن يكون المراد من النسيان المذكور في هذه الآية السهو وفقد العلم ويكون وجه الدعاء إلى الله تعالى بترك المؤاخذة عليه جاريا مجرى ما تقدم ذكره من الانقطاع إليه وإظهار الفقر إلى مسألته والاستعانة به وإن كان مأمونا منه في المؤاخذة بمثله على المعنى الذي أوضحنا قبل هذه المسألة ويجوز أيضا أن نحمل النسيان المذكور فيها على أن المراد به الترك كما قال سبحانه (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ) طه : ١١٥.
أي فترك ولو لا ذلك لم يكن فعله معصية كقوله تعالى (نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ) أي تركوا طاعته فتركهم من ثوابه ورحمته وقد يقول الرجل لصاحبه لا تنسني من عطيتك أي لا تتركني منها.
وأنشد أبو عرفة :
ولم أك عند الجود للجود قاليا |
|
ولا كنت يوم الروع للطعن ناسيا |
يعني تاركا :