نقض عليهم
أما قولهم إن هذه الهداية المسئول فيها لا تخلو في حالتين إما أن تكون الدلالة وإما أن يكون الإيمان فخطأ لأنها قد تحتمل غير ذلك ويجوز أن يكون المراد بها فعل الألطاف التي إذا فعلها الله تعالى ازداد بها الصدر انشراحا للإيمان ولا تكون هذه الألطاف إلا لمن آمن واهتدى وقد تكون الألطاف هداية قال الله تعالى
(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) محمد : ١٧.
وأما قولهم إنها لا تجوز أن تكون الدلالة فخطأ لأن الدلالة وإن كان الله قد فعلها وأزاح علل المكلفين بإقامتها فإنه قد يصح أن تسأله في الزيادة فيها وأن يقوى خواطرنا بالتيسير لنا إدراك أدلة أخرى بعدها.
ولا شبهة في أن ترادف الأدلة زيادة في الهدى.
وأما قولهم إنه لا يجوز سؤال الله تعالى في فعل ما قد فعله فخطأ أيضا وقد يصح أن نسأل الله سبحانه في فعل ما فعله وفي أن لا يفعل ما يجوز أن فعله.
وقد علمنا ذلك في كتابه وندبنا إلى ما فعله عبادة تعبدنا بها ومصلحة هدانا إليها فقال سبحانه حاكيا عن ملائكته (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ). غافر : ٧
ولا شك أنه قد فعل ذلك بهم قبل المسألة منهم.
وكقوله (رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ)
ونحن نعلم أنه لا يحكم إلا به.
وكذلك ما تعبدنا به منى من سؤاله أن تصلي على أنبيائه ورسله مع علمنا أنه قد صلى عليهم ورفع أقدارهم.
وحكى لنا سؤال إبراهيم خليله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ) وهو يعلم أنه لا يخزيه.