وقد كنت اجتمعت في الرملة برجل عجمي يعرف بأبي سعيد البرذعي وكان يحفظ شبها في هذا الباب وكنت كثيرا ما أكلمه وأستظهر بإثبات الحجة عليه فأورد علي شبهة كانت أكبر مما في يديه وتكلمت عليها بكلام لم أقنع به فأحكيه.
ثم إني كتبت كتابا إلى بغداد إلى حضرة سيدنا الشريف المرتضى ذي المجدين رضي الله عنه وذكرت الشبهة فيه فورد إلي جوابه عنها.
فأنا أذكر الشبهة والجواب وما وجدته بعد ذلك من الكلام في هذا الباب.
الشبهة
قال الملحد مستدلا على أن الصانع لم يتقدم الصنعة إني وجدت ظاهرهما لا يخلو من ثلاث خصال إما أن تتقدم الصنعة عليه أو أن تتأخر عنه أو أن يكونا في الوجود سواء.
وقد فسد باتفاق تقدمها عليه.
_________________
(١) ورد ذكر البرذعي في بعض رسائل حمزة بن علي الزوزني الذي يعتبر مؤسس المذهب الدرزي به يبدأ تاريخ الدروز سنة ٤٠٨ ه أقول ورد ذكر البرذعي في رسالة حمزة السادسة عشرة سنة ٤٠٨ ه والرسالة التاسعة عشرة وغيرها باسم أبي منصور البرذعي لا أبي سعيد كما ذكره المصنّف وقد يكون أبو سعيد البرذعي الذي لقبه الكراجكيّ هو نفس أبي منصور البرذعي الوارد ذكره في رسائل حمزة بن علي.
(٢) هو أبو القاسم عليّ بن أبي أحمد الحسين بن موسى الموسوي المعروف بعلم الهدى ، أكبر شخصية شيعية في القرن الرابع الهجري ، بالعلم والفقه والآثار والكلام والأدب والشعر وغيرها.
كان فقيها انتهت إليه زعامة الإماميّة في عصره ، كما كان أحد أعمدة علم الكلام والفلسفة الإسلامية ، والأدب والشعر واشتهر بعلم النجوم ، وبرز في غير ذلك من جوانب المعرفة والفكر.
وكان حاذقا في المناظرة والجدل ، حاجّ النظراء والمتكلّمين ، وناظر العلماء والمخالفين ، وقد عده ابن الأثير من مجددي مذهب الإماميّة في رأس المائة الرابعة. وتعتبر آراء الشريف المرتضى وآثاره سجلا كاملا لآراء الشيعية الإماميّة وأقوالهم ، وفي كتبه حفظت عقائدهم وآراؤهم الإسلامية. وله مؤلّفات عديدة أبرزها من المطبوع : الشافي والأمالي وتنزيه الأنبياء ، وهو من تلاميذ الشيخ المفيد. ولد في رجب سنة ٣٥٥ ه وتوفي ربيع الأوّل سنة ٤٣٦ ه وله في كتابنا (فلاسفة الشيعة) ترجمة بدراسة وإسهاب.