تكن ولها محدث متقدم عليها لأن جميعها هو مجتمع آحادها ولا يصح أن يختلف في الجمع والتفريق هذا الحكم فيها.
كما أن كل واحد من الزنج بانفراده أسود فالجميع باجتماعهم سود والحكم في ذلك واحد في الجمع والتفريق.
وقد اجتمع معنا على أن جميعها أفعال الفاعل وصنعة الصانع والعقول تشهد بوجوب تقدم الفاعل على أفعاله وسبق الصانع لصنعته وليس يخالف في ذلك إلا مكابر لعقله.
واعلم أن الملحدة لما لم تجد حيلة تدفع بها تقدم الصانع على الصنعة قالت إنه متقدم عليها تقدم رتبة لا تقدم زمان فيجب أن نطالبهم بمعنى تقدم الرتبة ليوضحوه فيكون الكلام بحسبه.
وقد سمعنا قوما منهم يقولون إن معنى ذلك أنه الفعال فيها والمدبر لها.
فسألناهم هل ذلك يدافع عنها حقيقة الحدوث فعادوا إلى الكلام الأول من أن كل واحد من أجزاء الصنعة محدث.
فأعدنا عليهم ما سلف حتى لزمهم الإقرار بحدوث الكل وطالبناهم بحقيقة المحدث والقديم فلم يجدوا مهربا من أن التقدم والقديم في الوجود على المحدث هو التقدم المفهوم المعلوم الذي يكون أحدهما موجودا والآخر معدوما.
وليس أيضا من شرط التقدم والتأخر في الوجود أن يكون ذلك في زمان والله تعالى متقدم على جميع الأفعال. وليس أيضا من شرط التقدم والتأخر في الوجود أن يكون ذلك في زمان لأن الزمان نفسه قد يتقدم بعضه على بعض ولا يقال إن ذلك مقتض لزمان آخر.
والكلام في هذا الموضع جليل ومن ألحق (١) فيه سقطت عنه شبه كثيرة.
_________________
(١) كذا في النسخة.