وكل يحيل على ربه |
|
وما فيهم أحد صادق |
التجوز في التعبير بالاستطاعة عن الفعل وبنفيها عن نفيه
فصل اعلم أيدك الله تعالى أنه قد يعبر عن نفي الفعل بنفي الاستطاعة توسعا ومجازا فيقال لمن يعلم أنه لا يفعل شيئا لثقله على قلبه ونفور طبعه منه إنك لا تستطيعه وإن كان في الحقيقة مستطيعا له ويقول أحدنا لمن يعلم أنه يبغضه إنك لا تستطيع أن تنظر إلي والمعنى أن ذلك يثقل عليك ويقال للمريض الذي يجهده الصوم إنك لا تستطيع الصيام وهو في الحقيقة يستطيعه ولكن بمشقة تدخل عليه وثقل يناله منه.
وعلى هذا المعنى يتأول قول الله جل اسمه فيما حكاه عن العالم الذي تبعه موسى عليهم السلام حيث قال له موسى :
(هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً). الكهف : ٦٦ ـ ٦٧
المعنى فيه إنك لا تصبر ولا يخف عليك وأنه يثقل على طبيعتك فعبر عن نفي الصبر بنفي الاستطاعة وإلا فهو قادر مستطيع فيدل على ذلك قول موسى عليهم السلام في جوابه له :
(سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً) الكهف : ٦٩.
ولم يقل إن شاء الله مستطيعا ومن حق الجواب أن يطابق السؤال فدل جوابه على أن الاستطاعة المذكورة في الابتداء هي عبارة عن الفعل نفسه مجازا كما ذكرنا.
وقد يستعمل الناس هذا كثيرا وأنشده شعرا
أرى شهوات لست أسطيع تركها |
|
وأحذر إن واقعتها ضرر الإثم |