وأن نعيم أهل الجنة متصل أبدا بغير نفاد وأن عذاب المشركين والكفار متصل في النار بغير نفاد.
ويجب أن تؤخذ معالم الدين في الغيبة من أدلة العقل وكتاب الله عزوجل والأخبار المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن الأئمة عليهم السلام (١) وما أجمعت عليه الطائفة الإمامية وإجماعها حجة.
فأما عند ظهور الإمام عليهم السلام فإنه المفزع عند المشكلات وهو المنبه على العقليات والمعرف بالسمعيات كما كان النبي ص.
ولا يجوز استخراج الأحكام في السمعيات بقياس ولا اجتهاد (٣).
فأما العقليات فيدخلها القياس والاجتهاد ويجب على العاقل مع هذا كله ألا يقنع بالتقليد في الاعتقاد وأن يسلك طريق التأمل والاعتبار ولا يكون نظره لنفسه في دينه أقل من نظره لنفسه في دنياه فإنه في أمور الدنيا يحتاط ويحترز ويفكر ويتأمل ويعتبر بذهنه ويستدل بعقله فيجب أن يكون في أمر دينه على أضعاف هذه الحال فالغرر في أمر الدين أعظم من الغرر في أمر الدنيا.
فيجب أن لا يعتقد في العقليات إلا ما صح عنده حقه ولا يسلم في السمعيات إلا لمن ثبت له صدقه.
_________________
(١) ما ذكره المؤلّف هو رأي جماعة من علماء الإماميّة ، كالشريف المرتضى ، وابن زهرة ، وابن البرّاج ، والطبرسيّ ، وابن إدريس وغيرهم ، فقد ذهب هؤلاء إلى عدم اعتبار الخبر الواحد إذا لم يكن مقطوع الصدور عن المعصوم ، وخصوا اعتباره بما إذا كان قطعي الصدور ، سواء أكان محتفا بقرينة عقلية أو نقلية أخرى ، فالمهم لدى هؤلاء في اعتبار الخبر أن يفضي إلى العلم ، ولو كان ذلك لإجماع أو شاهد عقلي ، بل صرّح المفيد في أوائل المقالات بأنّه لا يحب العمل بخبر الواحد.
أما المشهور بين الإماميّة بل المجمع عليه بين المتأخرين منهم فاعتبار الخبر الواحد لقيام الدليل على حجيته ، ولكل من الفريقين أدلة على دعواه مذكورة في كتب الأصول.
(٢) المراد بالاجتهاد هنا ليس هو استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية ، وإنّما المراد به الاعتماد على الرأي والاستحسان والقياس ، من دون الرجوع إلى القواعد والأصول التي ثبتت حجيتها شرعا