أنها دخلت الكعبة على ما جرت به عادتها فصادف دخولها وقت ولادتها فولدت أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله وسلم داخلها وكان ذلك في النصف من شهر رمضان (١) ولرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثون سنة على الكمال فتضاعف ابتهاجه به وتمام مسرته وأمرها أن تجعل مهده جانب فراشه.
وكان يلي أكثر تربيته ويراعيه في نومه ويقظته ويحمله على صدره وكتفه ويحبوه بألطافه وتحفه ويقول هذا أخي وسيفي وناصري ووصيي. (٢)
فلما تزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم خديجة عليهم السلام أخبرها بوجده بعلي ومحبته فكانت تستزيره فتزينه وتحليه وتلبسه وترسله مع ولائدها ويحمله خدمها فيقول الناس هذا أخو محمد وأحب الخلق إليه وقرة عين خديجة ومن اشتملت السعادة عليه.
وكانت ألطاف (٣) خديجة تطرق منزل أبي طالب ليلا ونهارا وصباحا ومساء.
ثم إن قريشا أصابتها أزمة مهلكة وسنة مجدية منهكة وكان أبو طالب رضي الله عنه ذا مال يسير وعيال كثير فأصابه ما أصاب قريشا من العدم والإضاقة والجهد والفاقة.
فعند ذلك دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمه العباس فقال له يا أبا الفضل إن أخاك أبا طالب كثير العيال مختل الحال ضعيف النهضة والغرمة وقد ناله ما نزل بالناس من هذه الأزمة وذوو الأرحام أحق بالرفد وأولى من حمل الكل (٤) في ساعة الجهد فانطلق بنا إليه لنعينه على ما هو عليه فلنحمل عنه بعض أثقاله ونخفف عنه من عياله يأخذ كل واحد منا واحدا من بنيه يسهل عليه بذلك بعض ما هو فيه.
_________________
(١) انظر إثبات الوصية للمسعودي صلى الله عليه وآله وسلم ١ ١ ٤.
(٢) المصدر صلى الله عليه وآله وسلم ١ ١ ٧
(٣) أي هدايا تبره بها.
(٤) الكل : الثقل.