من شعره أن أبا بكر سبق الناس إلى الإسلام ولم تثبت بما ذكرناه من شعره أيضا أن أمير المؤمنين عليهم السلام لجميع الناس إمام وكيف احتجت ببعض قوله وصدقه فيه ولم تر الاحتجاج بالبعض الآخر وكذبته فيه؟
أوليس إذا قالت إنه كذب فيما قاله في علي عليهم السلام في هذه الأبيات أمكن أن يقال لها بل كذب فيما حكيتموه عنه من تلك الأبيات.
وإن قالت أن حسانا شاعر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولسنا نكذبه لكن نقول إنه كذب عليه في الشعر الذي رويتموه.
قيل لها فإن قال لكم قائل مثل هذا الكلام وإنه كذب عليه في الشعر الذي ذكرتموه ما يكون الانفصال.
واعلم أنا لم نقل ذلك إلا لنعلمهم لأنه لا حجة في أيديهم وأنه لا فرق بين قولهم وقول من قلبه عليهم.
ولسنا ننفي عن حسان الكذب ولا رأينا فيه بحسن وذلك أنه فارق الإيمان وانحاز إلى جملة أعداء أمير المؤمنين عليهم السلام وحصل من عصبة عثمان فهو عندنا من أهل الضلال.
فإن قال قائل كيف تجيزون ذلك عليه بعد ما مدحة به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في يوم غدير خم وأثنى عليه؟
قلنا إن مدحه وثناءه عليه كان مشروطا ولم يكن مطلقا.
وذلك أنه قال ما تزال مؤيدا ما نصرتنا بلسانك وهذا يدل على أنه متى انصرف عن النصر زال عنه التأييد واستحقاق المدحة وقد انصرف عنها بطعونه على أمير المؤمنين عليهم السلام وانصبابه في شعب عدوه وقعوده في جملة من قعد عن نصرته في حرب البصرة.
ويشبه ما قال فيه النبي عليهم السلام قول الله تعالى في ذكر أزواج نبيه ونسائه :
(يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَ) الأحزاب : ٣٢
فعلق ذلك بشرط وجود التقوى فإذا عدمت كن كمن سواهن بل كن أسوأ حالا من غيرهن.