الطاعة إن لم يكن ما يفعله مستحقا كان تفضلا ولا يقال للمتفضل المحسن لم تفضلت وأحسنت ولا للجواد المنعم لم جدت وأنعمت.
وليس كذلك المعذب على المعصية في تقدير زمان زائد على زمانها لأن ذلك إن لم يكن مستحقا كان ظلما تعالى الله عن الظلم فالمطالبة بعلة المماثلة بين الموضعين لازمة والمسألة مع هذا الجواب عما يوجب التخليد قائمة والعقلاء مجمعون على أن من أعطى زيدا على فعله أكثر من مقدار أجره فليس له قياسا على ذلك أن يعاقب عمرا على ذنبه بأضعاف ما يجب في جرمه.
وأما جوابه الثاني فهو وإن كان ذكره بعض الناس لاحق بالأول في السقوط لأنه لو كان تعذيب الله عزوجل للكافر بعذاب الأبد إنما هو لأنه علم منه أنه لو بقي أبدا كافرا لكان إنما عذابه على تقدير كفر لم يفعله وهذا هو الظلم في الحقيقة الذي يجب تنزيه الله تعالى عنه لأن العبد لم (١) يفعل الكفر إلا مدة محصورة.
وقد اقتضى هذا الجواب أن تعذيبه الزائد على مدة كفره هو عذاب على ما لم يفعله.
ولو جاز ذلك لجاز أن يبتدئ خلقا يعذبه من غير أن يبقيه ويقدره ويكلفه إذا علم منه أنه إذا أبقاه وأقدره وكلفه كان كافرا جاحدا لأنعمه.
وقد أجمع أهل العدل على أن ذلك لا يجوز منه سبحانه وهو كالأول بعينه في العذاب للعلم بالكفر قبل وجوده لا على ما فعله وأحدثه.
وقبحها يشهد العقل به ويدل عليه تعالى الله عن إضافة القبيح إليه.
فعلم أنه لا يعتبر في الجواب عن هذا السؤال بما أورده هذا الحاكي عن الشافعي وأن المصير إلى ما قدمناه من الجواب عنه أولى والحمد لله.
_________________
(١) في النسخة لا يفعل فآثرنا موضعها لم يفعل لأنّه الصحيح في المعنى.