قال شيخنا المفيد رحمهالله :
وهذا نص من مولانا عليه السلام على اختياري في وصف الله تعالى بالإرادة وفيه نص على مذهب لي آخر منها وهو أن إرادة العبد تكون قبل فعله وإلى هذا ذهب البلخي.
والقول في تقدم الإرادة للمراد كالقول في تقدم القدرة للفعل وقول الإمام عليه السلام في الخبر المقدم إن الإرادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم من الفعل صريح في وجوب تقدمها للفعل إذ كان الفعل يبدو من العبد بعدها ولو كان الأمر فيها على مذهب الجبائي لكان الفعل باديا في حالها ولم يتأخر بدوة إلى الحال التي هي بعدها لها.
فصل
اعلم أنا نذهب إلى أن الإرادة تتقدم المراد كتقدم القدرة للمقدور غير أن الإرادة موجبة للمراد والقدرة غير موجبة للمقدور والإرادة مما لا يصح أن يفعل الشيء فضده بدلا منه والجميع أعراض لا يصح بقاؤها.
فصل من القول في أن الإرادة موجبة :
هو أن الحي متى فعل الإرادة لشيء وجب وجود ذلك الشيء إلا أن يمنعه منه غيره فأما أن يمتنع هو من مراده فلا يصح ذلك.
ومن الدليل على صحة ما ذكرناه أنه قد ثبت تقدم الإرادة على المراد لاستحالة أن يريد الإنسان ما هو فاعل له في حال فعله فيكون مريدا للموجود كما يستحيل أن يقدر على الموجود وإذا ثبت أن الإرادة متقدمة للمراد لم يخل أمر المريد لحركة يده من أن يكون واجبا وجودها عقيب الإرادة بلا فصل أو كان يجوز عدم الحركة فلو جاز ذلك لم يعدم إلا بوجود السكون منه بدلا منها.
ولو فعل السكون في الثاني من حال إرادته للحركة لم يخل من أن يكون
_________________
(١) هو أبو القاسم البلخيّ وتقدمت ترجمته.
(٢) في النسخة والجمع.
(٣) في النسخة كلمة (لا) بعد (هو) وهو غير واضح ولعلها زائدة