الخيرات بطيء عن المنكرات يأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويجتنبه لا يدخل في الأمور بجهل ولا يخرج من الحق بعجز إن صمت لم يعيه الصمت وإن نطق لم يعبه اللفظ وإن ضحك لم يعل به صوته قانع بالذي قدر له لا يجمح به الغيظ ولا يغلبه الهوى ولا يقهره الشح يخالط الناس بعلم ويفارقهم بسلم يتكلم ليغنم ويسأل ليفهم نفسه منه في عناء والناس منه في راحة أراح الناس من نفسه وأتعبها لإخوته إن بغي عليه صبر ليكون الله تعالى هو المنتصر يقتدي بمن سلف من أهل الخير قبله فهو قدوة لمن خلف من طالب البر بعده أولئك عمال لله ومطايا أمره وطاعته وسرج أرضه وبريته أولئك شيعتنا وأحبتنا ومنا ومعنا آها شوقا إليهم فصاح همام بن عبادة صيحة وقع مغشيا عليه فحركوه فإذن هو قد فارق الدنيا رحمة الله عليه فاستعبر الربيع باكيا وقال لأسرع ما أودت موعظتك يا أمير المؤمنين بابن أخي ولوددت أني بمكانه فقال أمير المؤمنين عليهم السلام هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها أما والله لقد كنت أخافها عليه فقال له قائل فما بالك أنت يا أمير المؤمنين فقال ويحك إن لكل واحد أجلا لا يعدوه وسببا لن يتجاوزه فلا تعد بها فإنما ينفثها على لسانك الشيطان قال فصلى عليه أمير المؤمنين عليهم السلام عشية ذلك اليوم وشهد جنازته ونحن معه.
قال الراوي عن نوف فصرت إلى الربيع بن خيثم فذكرت له ما حدثني نوف فبكى الربيع حتى كادت نفسه أن تقبض وقال صدق أخي إن موعظة أمير المؤمنين عليهم السلام وكلامه ذلك مني بمرأى ومسمع ما ذكرت ما كان من همام بن عبادة يومئذ وأتاني هنيئة إلا كدرها ولا شدة إلا فرجها (١).
_________________
(١) هذه الخطبة رواها ابن شعبة الحرّانيّ في تحف العقول صلى الله عليه وآله وسلم ١ ٠٧ = ١ ٠٩ وسليم بن قيس الهلالي في كتابه صلى الله عليه وآله وسلم ١ ٦٠ = ١ ٦٤ ، وأبو جعفر الكليني في أصول الكافي م ٢ صلى الله عليه وآله وسلم ٢٢٦ = ٢٣٠ وسبط ابن الجوزي في التذكرة صلى الله عليه وآله وسلم ١ ٣٨ = ١ ٣٩ وفي نهج البلاغة ، وغيرهم ، انظر كتابنا مصادر نهج البلاغة صلى الله عليه وآله وسلم ٢١ ٢.