يمكن تصحيح وضوئه بالترتّب ، حيث يقال : إنّه هنا موجه إليه خطابان : خطاب «اسق العطشان» ـ وهذا أهم ـ وخطاب ثان ترتبي ، هو : «إن لم تسق العطشان فتوضّأ»؟ فيصح الوضوء للأمر الترتّبي به.
وهنا ذهب الميرزا «قده» (١) تطبيقا لما تقدم والمشهور إلى سقوط وجوب الوضوء ، والانتقال إلى التيمم ، بحيث أنّه لو صرف الماء بالوضوء ، كان وضوؤه باطلا ، لكون وجوب الوضوء قد أخذ في القدرة الشرعيّة ، والمفروض أنّها منتفية في المقام إذن ، فلا يتم فيه الترتب وبالتالي يخرج عن باب التزاحم.
إلّا أن السيد الخوئي «قده» (٢) لم يقبل هذا ، وذهب هنا إلى أنّ الترتّب لا يفرق الحال فيه بين أن يكون المرجوح مشروطا بالقدرة الشرعية ، أو العقلية.
ونحن نعترض على المشهور ، ونقول : أولا : لم يثبت أنّ الوضوء مشروط بالقدرة الشرعية لكونه مما له بدل ، ولكون ما له بدل يكون مشروطا بالقدرة الشرعية دائما ، ولذلك يرجح عليه ما ليس له بدل.
إذ تقدم معنا مفصلا ، عدم إمكان استفادة ذلك من مجرد وجود البدل للواجب ، ولهذا كان هذا المشهور ، مشهورا لا أصل له.
ونقول ثانيا : بأنّ ما استدل به على أخذ القدرة الشرعية في وجوب الوضوء ، دليل مركب من مقدمتين :
أ ـ المقدمة الأولى هي : إنّه أخذ في موضوع التيمم ، في قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) أخذ عدم وجدان الماء ، وبمقتضى كون التفصيل قاطعا للشركة ، يفهم منه أنّ موضوع وجوب الوضوء هو
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ ص ١٩٢ ـ ١٩٣.
(٢) محاضرات فياض : ج ٣ ـ ص ٢٦٧.