فعلى الأول : ليس أمامنا إلّا حكمان : حرمة المقدمة ، ووجوب ذيها ، وفي مثل ذلك فرضنا أنّ ذا المقدمة أهمّ فقدّم ، ومقتضى ذلك ، رفع اليد عن حرمة الحصة الموصلة من المقدمة ، لأنّ الحصة الموصلة توأم مع الاشتغال بواجب أهم ، فلا تكون حراما. وأمّا الحصة غير الموصلة فلا موجب لسقوط الحرمة عنها ، لأنّ التزاحم اندفع بسقوط الحرمة عن الموصلة ، إلّا أنّ هذه الحرمة ليست ترتّبيّة ، بل هي فعلية ، وقيد عدم التوصل قيد في الحرام ، لا في الحرمة ، إذ فرق بين «إذا لم تنفذ الغريق فلا تمش على الأرض» ، فهنا الحرمة مشروطة ، وبين أنّه بالفعل «يحرم عليك المشي الخاص» ، فالحرمة هنا ليست مشروطة ، بل متعلّقها مشروط ، فتتعيّن الصيغة الثانية ، لأنّ مقتضى إطلاق الهيئة في «لا تغصب» ، أنّ الحرمة غير مشروطة ، غاية الأمر أن متعلّقها ليس مطلق الغصب ، بل الغصب الخاص المجرد عن إنقاذ الغريق ، فمقتضى القاعدة الالتزام بحرمة فعليّة مقيّدة.
وعليه ، فلا نصحّح الترتّب لوجود ما هو أحسن منه ، وهو الحرمة الفعليّة المتعلّقة بحرمة خاصة.
والشيء نفسه نقوله على التقدير الثاني وهو : فيما إذا بنينا على الوجوب الغيري ، وكان هو المتعلق بالموصلة ، إذ يمكن ذلك ، وبناء على ذلك ، لا مانع من حرمة الحصة غير الموصلة مطلقا بمقتضى إطلاق الهيئة في دليل «لا تغصب».
حينئذ هنا ، لا نقول بالترتّب ، ووجه الأحسنية في كلا التقديرين وأنّ هذه الحرمة هنا تكون ثابتة على وجه الإطلاق ، ومتعلقة بالحصة غير الموصلة ، وجهه ، هو : إنّه هنا يمكن اجتماع امتثال كلا التكليفين دون تضاد.
وعلى هذا لا يرد إشكال المحقق الخراساني «قده» (١) على الترتب ،
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المشكيني : ج ١ ـ ص ٢١٢ ـ ٢١٣.