من أنّه يؤدي إلى طلب الجمع بين الضدّين ، إذ في محل الكلام لا يوجد تضاد ، وإن وجد في غير المقام ، وعليه ، كان ما قلناه أحسن من الترتّب المتعارف.
وأمّا على التقدير الثالث وهو : ما لو بنينا على الوجوب الغيري ، وبنينا على أنّه لا يمكن اختصاصه بالموصلة ، بل يتعلّق بجامع المقدمة ، حينئذ بناء عليه ، تتصف هذه المقدمة بأنها واجبة بالفعل ، لأنها مقدمة الواجب بالفعل ، فيستحيل اتصافها بالحرمة ، لا بخصوص الحصة غير الموصلة منها ، ولا بصيغة الحرمة الترتّبيّة المشروطة لمطلق المقدمة ، إذ كلاهما غير معقول ، لأنّ الحصة غير الموصلة مصداق للواجب ، فيستحيل أن يكون هذا مصداقا للحرام ، لأنّ التنافي هنا بين الملاكين في موضوع واحد.
ودعوى التوفيق بين الوجوب الغيريّ والحرمة الترتبيّة بأن يقال : بأنّ الوجوب الغيري توأم مع الوجوب النفسي للإنقاذ ، لأنهما مشتقّان من ملاك واحد ، والحرمة الترتّبيّة في طول وجوب الإنقاذ فتتأخر عنه ، فتتأخر عن الوجوب الغيريّ للمقدمة ، إذن فيصطلحان.
هذه الدعوى غير صحيحة ، صغرى وكبرى :
أما صغرى : فلأنّه لو سلّم أنّ الوجوب الغيريّ والنفسيّ في مرتبة واحدة ، وأنّ الحرمة في طول النفسيّ ، فهذا لا يكفي ، لأنّ المتأخر عن أحد المتساويين لا يلزم أن يكون متأخرا بالرتبة عن مساويه.
وأما كبرى : فلأنّه حتى لو سلّمنا ذلك فإنّ التقدّم والتأخر الرتبي ، لا يسوّغ اجتماع الضدّين على أمر واحد ، إذن فهذا لا يفيد في دفع الغائلة المزبورة. إذن على هذا يتعذر الترتّب.
ويمكن التعبير عن المورد الثالث وتحقيق الكلام فيه بتعبير آخر ، فيقال : إنّ المورد الثالث الذي استثناه الميرزا «قده» (١) من الترتّب ومن ثمّ
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ ص ٢٣٢ ـ ٢٣٣.