فحينئذ قد يقال بوقوع التزاحم بين هذين الواجبين الضمنيّين. كما ذهب إليه المحقق النائيني «قده» (١) ، حيث أنّه لا يفرق الحال في تطبيق قواعد باب التزاحم بين الواجبات الاستقلاليّة المتزاحمة ، والواجبات الضمنية ، كما لو وقع ذلك بين أجزاء المركب الارتباطي.
إلّا أن السيد الخوئي «قده» (٢) أنكر ذلك ، وجعل مثل هذا التزاحم ، موجبا لدخوله في باب التعارض ، لرجوعه إلى التنافي بحسب عالم الجعل.
ويمكن أن يبرهن على عدم إمكان التزاحم في المقام بأربع صيغ :
١ ـ الصيغة الأولى ، وحاصلها هو : إنّ جعل الوجوب الضمني ليس استقلاليا ، بل هو ضمني في ضمن جعل الأمر بالمركّب من مجموع الأجزاء.
وعليه ، ففي المقام يوجد أمر واحد قد تعلّق بالمركب من مجموع الاجزاء العشرة ، وهو «الصلاة».
وحينئذ نقول : إنّ الصلاة إن كانت مقدورة بجميع أجزائها ، فيؤتى بالجميع ، ولا تزاحم ، وأمّا إذا لم تكن الصلاة مقدورة بجميع أجزائها ، بل طرأ عليها عجز ، سواء أكان هذا العجز عن جميع العشرة ، أو عن جزء معيّن ، أو جزء غير معيّن ، بل مردّد بين أمرين : «كالركوع والقيام» ، ففي جميع هذه الصور يسقط الأمر الأول المتعلق بالصلاة ، لانتفاء القدرة على متعلقه ، وإذا سقط ، فيقع الشك في ثبوت أمر جديد ببقيّة الأجزاء المقدورة ، إن كان هناك أجزاء مقدورة ، وفي مثله تجري البراءة لأنّه شك في أصل التكليف ، فلا تزاحم في المقام.
وأمّا لو فرض أنّا علمنا بأنّ المولى جعل أمرا جديدا بالنسبة لبقية
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٣ ص ٢٩٣.
(٢) محاضرات فياض : ج ٣ ص ٢٩٤ ـ ٢٩٧ ـ ٢٩٩ ـ ٣٠١.