لعدم الاشتغال بواجب آخر ، إن أخذ قيدا في الوجوب فهو محال ، لما ذكر في الصيغ الأربعة كما تقدّم.
وإن أخذ قيدا في الواجب ، فهو خلف ، لأنّ هذا القيد زائد ، وعلى خلاف مقتضى القاعدة ، والمفروض أنّنا نتكلّم في مقام إثبات كون التزاحم بابا مستقلا عن باب التعارض ، استندنا في ذلك إلى مقتضى القاعدة ، على أساس ذلك المخصّص اللبّي العقلي العام لكل خطاب ، إذن فأخذ قيد آخر في الواجب هو تصرف بالدليل.
هذا مضافا إلى أنّه لو تعقّلنا التزاحم بين الواجبين الضمنيّين ، فإنّ ذلك لا يفيد الفقيه شيئا ، لأنّ الدليلين اللّذين يعالجهما الفقيه ، ليسا هما الوجوبين الضمنيّين ، بل هما دليلا الجزئيّتين لقوله (ع) : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» ، «ولا صلاة إلّا بطهور» ، ونحو ذلك ، وليس مفاد أمثال هذه الأدلة هو الوجوب الضمني ليقال بوقوع التزاحم بينها ، بل مفادها هو جزئيّة «الفاتحة والطهارة» والتي هي حكم وضعي.
ومن الواضح أنّ عنوان الجزئيّة لا يوجد فيه مخصّص لبّي يقيّده بعدم الاشتغال بجزء آخر ، لأنّ هذا التقييد من شئون الأحكام التكليفيّة ، وعليه فلا مانع من الإطلاق في دليل كل جزء ، بحيث تكون الجزئيّة ثابتة حتى في حال الاشتغال بجزء آخر.
ومعنى ذلك ، أنّ جزئيّة «الركوع» تكون ثابتة حتى في حال الاشتغال «بالقيام» ، وكذلك العكس في القيام.
ولازم ذلك ، هو سقوط الأمر بالصلاة رأسا ، لعدم التمكن من امتثالها حينئذ ، لأنّ المفروض عدم التمكن من الإتيان بالركوع والقيام معا.
وبما أنّ هذا اللازم ، وهو سقوط الصلاة ، لا نلتزم به ، إذن فلا بدّ أن يكون أحد هذين الإطلاقين غير ثابت ، وبذلك يقع التعارض بين الإطلاقين ، ويخرج الفرض عن محل التزاحم الذي هو محل الكلام.