وبهذا يثبت أنّ التزاحم حتى لو قيل بإمكانه بين الواجبين الضمنيّين ، فهو لا يفيد الفقيه.
وإن شئت قلت في عدم تماميّة هذه النكتة : إنّ القدرة إن أخذت قيدا للوجوب ، إذن تتم هذه الصياغات الأربع في استحالة التزاحم ، لأنّ معنى كون القدرة قيدا للوجوب ، هو الأمر بالأجزاء العشرة بعنوانها ، لكن مشروط بالقدرة عليها.
وأمّا إذا فرض كون هذه القدرة قيدا للواجب ، كما هو مفروض النكتة ، حينئذ يكون من الأمر بالجامع بين المتزاحمين ، وهو يختلف عن باب التزاحم الذي يوجد فيه أمران تعينيّان ، ولا يتأتّى فيه البيان الذي استطعنا به أن نخرج باب التزاحم على مقتضى القاعدة عن باب التعارض الحقيقي ببركة المقيّد اللبّي المستلزم لدخوله في باب الورود ، كما عرفت ، إذ إنّ جعل القدرة قيدا للواجب هو تصرف في ظهور الدليلين الدالّين على وجوب كل من الجزءين بعنوانه ، وهذا ليس جائزا على القاعدة ، بل مقتضى القاعدة أنّه لو علم بعدم سقوط الواجب الاستقلالي في مورد التزاحم ، فإنّه يقع التعارض بين دليلي الجزءين ، وإلّا كان مقتضى القاعدة سقوط الواجب مطلقا للعجز عنه ، هذا مضافا إلى أنّ أدلة الأجزاء والشرائط ظاهرة في الإرشاد إلى الجزئيّة والشرطيّة.
وهذا المعنى ليس موردا للتزاحم ، إذ ليس مفاده حكما تكليفيا يستحيل ثبوته للمتزاحمين معا كي نفتش عن المقيّد اللبّي له ، بل مقتضى إطلاقات هذه الأدلة لحال العجز ثبوت الجزئيّة أو الشرطيّة فيه أيضا ، وعليه فيلزم سقوط التكليف الاستقلالي بالمجموع رأسا.
فلو فرض العلم من الخارج بعدم سقوطه وقع التعارض حينئذ ، بين إطلاق دليلي الجزءين المتزاحمين على أساس العلم بانتفاء إحدى الجزئيتين ، وبه يخرج الفرض عن باب التزاحم الذي هو محل الكلام.