إذن ليس عليه إلّا عقاب واحد ، وليس للمولى أن يعاقبه على ألمين ، لأنّ هذا المكلّف إنّما يقدر على دفع إحدى الخسارتين ، غايته أنّه يقدر على دفعهما بدلا ، فكذلك يكون عقابه بدلا ، فيعاقب على واحدة.
هذا لو لوحظ عالم الأغراض والملاكات بقطع النظر عن عالم الجعل والإنشاء.
ومن الواضح أنّ الجعل والإنشاء لا يكثّر العهدة ، ولا يكثّر العقاب ، لأنّه لا يكثّر الملاكات وإنما هو ينجز التكاليف باعتباره معبرا عن الأغراض والملاكات ، ولهذا لم يكن هناك فرق في التعبير عن الأغراض ، سواء عبّر عنها بالجمل الخبريّة ، أو الإنشائيّة ، بل تكاد تكون وظيفته كما قال الآخر :
إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنّما |
|
جعل اللّسان على الفؤاد دليلا |
هذا مع حفظ النسبة بين الموردين.
إذن لا معنى لأن يفرض زيادة في حجم العقاب من حيث أنّ المولى استعمل الإنشاء في مقام التعبير عن تلك الأغراض تارة ، أو إنّه استعمل الإخبار للتعبير عنها تارة أخرى.
وعليه ، فالصحيح أنّ هذا التفصيل ينتج ، أنّه متى ما وجد فعلان متضادان ذاتا ، كما في التزاحم ، أو متضادّان عرضا ، كما في فرضيّة المحقق الخراساني «قده» ، فإن كان ترك الآخر قيدا في اتصاف الآخر بكونه ذا ملاك ـ كما سمّيناه في باب الترتّب ، بقيد القدرة الشرعية ـ فإنّه حينئذ لو تركهما معا يعاقب بعقابين ، وقد ارتكب معصيتين.
وأمّا إذا كان ترك الآخر أخذ قيدا للمزاحمة والمضادة ، أي شرطا في وجود الملاك الآخر ، فإنّه حينئذ يعاقب بعقاب واحد ، لأنّ المكلف لم يفوّت على مولاه إلّا خسارة واحدة ، رغم أنّهما من حيث الإنشاء على حدّ سواء.