بالصلاة تارة ، وبالصوم أخرى ، إذن نستكشف أنّ المؤثر في طلب كل من العدلين ، بل المطلوب من كل منهما إنّما هو الجامع الذاتي بينهما ، ومن هنا ادّعى المحقق الخراساني «قده» (١) ضرورة وجود الجامع الحقيقي بين العدلين.
وقد تقدّم في بحث «الصحيح والأعم» هذا السّنخ من الاستدلال. وبحث هناك أنّه هل يمكن تطبيق هذا القانون في مثل هذا المقام ، حيث يكون الواحد نوعيا لا شخصيا؟.
أو فقل : هل إنّ قانون ، «أنّ الواحد لا يصدر إلّا من واحد» ، يشمل ما إذا كان الواحد واحدا بالنوع ، أو يختص فيما إذا كان الواحد واحدا بالشخص؟.
فإن قيل : بأنّ هذا القانون يختص فيما إذا كان الواحد واحدا بالشخص ، إذن فلا يصدق في المقام. وإن قيل : بأنه يشمل ما إذا كان واحدا بالنوع ، إذن فيصدق ويجري هذا البرهان في المقام.
والصحيح ، هو أنّه يعقل ولو بنحو الموجبة الجزئيّة افتراض الجامع الحقيقيّ ، بحيث يرجع الوجوب التخييريّ الشرعيّ إلى وجوب متعلق بالجامع ، ولكن هذا ليس ممكنا دائما ، خصوصا إذا كان مرجع العدلين إلى الوجود والعدم ، إذ إنّه لا جامع حقيقيّ بينهما ، كما هو الحال في التخيير بين القصر والتمام ، إذ إنّه تخيير بين إيجاد ركعتين بعد التشهّد الأول ، وعدم ذلك.
٢ ـ التقريب الثاني ، هو : أن يكتفى بالجامع الانتزاعيّ ، ولو كان الجامع هو عنوان أحدهما ، فيتعلّق الوجوب بعنوان أحدهما.
وهذا الجامع وإن كان انتزاعيا ، إلّا أنّه يمكن تعلّق الوجوب به ، وذلك لأنّه ينظر إليه بما هو بالحمل الشائع ، أي : بما هو مرآة وفان ، وليس بما هو
__________________
(١) كفاية الأصول ـ مشكيني : ج ١ ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦.