عنوان انتزاعيّ ، بمعنى أنّه ليس في الخارج إلّا واقع هذا أو واقع ذاك ، فيمكن تعلّق الوجوب ومبادئه به ، وعند التعلّق ينظر إليه بما هو عنوان بالحمل الشائع لا بالحمل الأوّلي.
وبهذا يتبيّن أنّ تفسير الوجوب التخييري لا ينحصر في نظرية أو فرضيّة واحدة ، بل يمكن أن يتم في عدة تفسيرات.
فإن فرض ملاك واحد يحصل بكل واحد من العدلين ، فيناسبه أن يكون وجوب واحد متعلّق بالجامع الحقيقي ، أو الانتزاعيّ بين العدلين والفعلين.
وإن فرض وجوبان تعيينيّان ، كل منهما تعلّق بفعل ، كما إذا كان هناك ملاكان تعيينيّان متضادّان ، فيناسبه أن يكون كل واحد منهما مشروطا بترك الآخر كما ذكره المحقق الخراساني «قده» (١).
وهذا التفصيل هو الصحيح.
نعم المحقق الخراساني «قده» (٢) افترض أنّ الجامع حقيقيّ دائما ، بينما قد يكون انتزاعيا في بعض الموارد ، كما عرفت.
وهذا الاختلاف في تفسير وصياغة الوجوب التخييريّ ، له ثمرة فقهيّة في موارد الشك في كون الواجب تعيينيا أو تخييريا ، وتختلف هذه الثمرة باختلاف تفسيره وصياغته ، كما لو تردّد أمر الصوم شهرين في كفارة الإفطار عمدا ، أنّه واجب تخييريّ أو تعيينيّ؟ ، حينئذ ، إن فرض أنّ الوجوب التخييريّ يرجع إلى الوجوب المشروط حيث يرجع الشك إلى أنّ وجوب الصوم مطلق أو مشروط؟.
حينئذ ، إن كان وجوب الصوم تعيينيّا ، فمعناه أنّ الصوم واجب ، حتى
__________________
(١) كفاية الأصول ـ مشكيني : ج ١ ص ٢٢٦.
(٢) كفاية الأصول ـ مشكيني : ج ١ ص ٢٢٥.