وذهب فريق آخر إلى أنّ ما به الامتياز حيثيّة ذاتيّة للماهيّة لا عرضيّة ، كما أنّ ما به الاشتراك فيها حيثيّة ذاتيّة أيضا.
وعليه ، فما به الامتياز فيها هو عين ما به الاشتراك ، وحيث أنّه يستحيل أن يكون ما به الاشتراك هو عين ما به الامتياز ، إذن ، فلا بدّ من الالتزام بتعدّد الأنواع في المقام ، وذلك بأن يفترض أنّ الامتياز بينها في مرحلة الذات والماهيّة ، فماهيّة الثلاثة والأربعة ، وإن كانتا مشتركتين في الجنس الذي هو «الكم» ، لكن ماهيّة الثلاثة تختلف عن ماهيّة الأربعة ، كما تختلف الأنواع في الجنس الواحد ، فتكون كل مرتبة من العدد الذي هو الجنس ، نوعا ، وعليه ، تكون مراتب الأعداد متباينة وكذا مراتب الخطوط ، وإن كان ما به الامتياز فيهما هو من سنخ ما به الاشتراك وهو العدد ، لكن تختلف الأربعة عن الثلاثة في الأربعيّة والثلاثة كذلك ، دون أيّ شيء آخر ، ومثلهما الخط الطويل في اشتراكه مع الخط القصير في «الكم» ، الجنس ، واختلافهما في الطوليّة والقصريّة.
وهذا ما يسمّى في كلماتهم : «بالتشكيك الخاصّي الماهوي».
وذهب فريق ثالث إلى أنّ ما به الامتياز في كل منها أمر ذاتيّ ، وهذا الأمر الذاتيّ هو عين ما به الاشتراك ، ولكنه في الوجود لا في الماهيّة ، فالعدديّة هي بنفسها وذاتها جهة الاشتراك وجهة الامتياز ، فالماهيّة المنتزعة عن الفردين المختلفين في المرتبة ، هي ماهيّة واحدة ذاتا ، وإنّما الاختلاف بين الفردين إنّما هو في الوجود الذي هو الأصل في الخارج ، بناء على أصالة الوجود ، فالخط الطويل يمتاز عن الخط القصير في حقيقة الوجود الكامل للخط الطويل ، فإنّه يختلف في كماله الوجودي ، لا الماهوي ، عن وجود الخط القصير ، رغم كونهما من سنخ واحد ، وكل منهما مصداق مستقل واحد لماهيّة واحدة هي «الكم».
وهذا ما يسمّى في كلماتهم «بالتشكيك الخاصي الوجودي».