قيام الآخر بالفعل يسدّ عليه باب القيام به ، وسوف نبيّن ما اعترض به على هذه الصيغة.
ـ الصيغة الثانية ، وهي : الصيغة التي حقّقناها نحن في تفسير هذا الوجوب في الفرض الثاني ، وخلاصته هي : إنّ الوجوب الكفائي عبارة عن وجوبات متعددة بعدد أفراد المكلّفين ، ومطلقة وغير مشروطة ، ولكن متعلق الوجوب الذي هو الواجب ، ليس هو تغسيل من كل مكلّف بالخصوص ، بل هو جامع الفعل القابل للانطباق على تغسيل زيد أو عمرو من المكلّفين ، فزيد يجب عليه أن يغسّل هذا الميّت ، أي : يكون مغسّلا ، وكذلك عمرو يجب عليه كما وجب على زيد ، إذن فالواجب هو حصول الفعل خارجا ، وهذا معناه ، جعل الوجوب الكفائي وصدوره خارجا في عهدة كل مكلّف.
وقد عرفت في بحث التعبّدي والتوصّلي ، أنّه يعقل تعلّق التكليف بالجامع بين فعل زيد وفعل غيره ، وإن كان زيد لا يقدر على فعل غيره ، لأنّ الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور.
وهذا التفسير في الصياغة الثانية ، يفي بالخصائص الثلاثة للوجوب الغيري.
أما الخصيصة الأولى : فإنّ الجميع لو تركوا تغسيل الميت ، إذن فقد عصى كل واحد منهم الخطاب الموجه إليه ، لأنّ الخطاب جعل وجوب التغسيل على عهدة كل واحد منهم ، وحيث أنّ كل واحد منهم كان له وجوب فعلي مطلق ، ومن لم يمتثله يكون عاصيا.
وأما الخصيصة الثانية وهي : أنّه لو قام بالفعل أحد المكلّفين ، سقط الوجوب عن الباقين ، لتحقّق الامتثال والغرض ، إذ إنّ الواجب عليهم تحصيل جامع الفعل في الخارج وهو كون الميت مغسّلا ، وهذا الجامع قد حصل ، فترتفع العهدة عن الآخرين.
وأمّا الخصيصة الثالثة ، وهي : إنّه لو قام الجميع دفعة واحدة بهذا