إذن لا يكون ذلك مسقطا ، وهو خلف خصائص الوجوب الكفائي كما عرفتها.
وكذلك لا يمكن التخلّص من هذا الاعتراض بافتراض أنّ الشرط هو عدم إتيان المكلّف الآخر بالفعل وحده ، بحيث أنّه في صورة إتيانهما معا يكون شرط الوجوب فعليا.
فإنّ معنى هذا : إنّ إطلاق الوجوب شامل لصورة ما إذا كان المكلّف الآخر قد جاء بالواجب ، ولكن لا مطلقا ، بل على تقدير أن يأتي المكلّف الأول به أيضا ، كي لا يكون وحده.
وهذا الإطلاق كما ترى فإنه يؤدي إلى تحصيل للحاصل ، إذن فهذا الاعتراض يبقى مسجّلا.
ـ الصيغة الثالثة : من صيغ الفرض الأول ، هي : أن نتصور ما تصوّره المحقق الأصفهاني «قده» (١) في الواجب التخييريّ ، ونطبّقه على المقام ، حيث كان تصوره هناك يفترض ، أنّ صدور الفعل له مبرزان : كونه مطلوبا للمولى أولا ، ومطلوبا صدوره من كل المكلّفين ثانيا ، إلّا أنّه باعتبار أنّ مصلحة التسهيل والإرفاق تقتضي عدم إلزام كل المكلّفين بالقيام بالفعل ، فيرخص المولى لكل واحد منهم بترك الفعل مشروطا بامتثال الآخر لطلبه هذا وهكذا الآخر ، يرخّصه المولى بالتّرك ، إذا امتثل الآخر مطلوبه.
أو فقل : إنّه يفترض أنّ الفعل واجب على كل المكلّفين ، لكن هناك ترخيص في التّرك لكل واحد منهم مشروط بفعل الآخر ، مراعاة لمصلحة التسهيل والأرفاق.
وقد تقدم إنّه بناء على مذهب المحقق النائيني «قده» في الوجوب والاستحباب ، من أنهما عقليّان بلحاظ ورود الترخيص تارة ، وعدم وروده
__________________
(١) نهاية الدراية الأصفهاني : ج ٢ من المجلد الأول ص ٦٨ ـ ٦٩ ـ ٧٥.