وإن فرضت سراية هذا العنوان إلى أحد مصاديقه المعنونين بعينه ، فهو غير معقول أيضا ، لأنّه ترجيح بلا مرجح.
وإن فرضت سراية هذا العنوان إلى أحد مصاديقه المعنونين لا بعينه ، فأريد تشغيل ذمة أحدهم المردّد ، فهو مستحيل أيضا ، لاستحالة وجود الفرد المردّد ، فلا يعقل إذن تشغيل ذمته.
إذن فهذا الفرض غير تام ، ويبقى الإشكال مسجلا عليه.
نعم يمكن أن يقال : بأنّ التكليف من قبل المولى ، وجعل الفعل في عهدة العنوان ، يستوجب من العقل ، أن يحكم على كل واحد من المكلّفين ـ باعتباره قابلا لانطباق العنوان عليه ـ بلزوم التحرك ، وحفظ غرض المولى بمرتبة «ما» ، بحيث لا يجوز لهم الترك المطلق للواجب.
وهذه الدّعوى إن صحّت ، فيجب تصوير صيغة أخرى للوجوب الكفائي ، ولو على مستوى حكم العقل ، وحينئذ لا بدّ من القول : إنّ العقل يحكم بلزوم الفعل على هذا المكلّف بالخصوص ، وذاك بالخصوص ، مع إعمال عناية في طرف اللزوم ، أو المكلف ، أو غيرهما.
وهذا رجوع إلى بعض الوجوه المتقدمة في تفسير الواجب الكفائي ، لتشخيص من تشتغل عهدته بالتكليف ، ومعنى هذا عدم تماميّة هذا الفرض.
٤ ـ وأما الفرض الرابع. الذي كان يصور الواجب الكفائي بأنّه عبارة عن طلب مولوي وإيجاب للفعل من دون إضافته إلى مكلّف أصلا ، وإنّما له متعلّق وهو دفن الميّت. غاية الأمر أنّه حيث كان الطلب من قبل المولى ، وحاجة من حاجاته ، فيجب على عبيده ، بمقتضى عبوديتهم له ، تحقيق حاجته وإيجادها.
وهذا الافتراض معقول على مستوى مبادئ الحكم ، أي : عالم الحب والبغض ، إذ من المعقول أن يتعلق الحب والشوق بأمر في نفسه ، بقطع النظر عن صدوره من أيّ إنسان. ولكن هذا الافتراض غير معقول على