وحينئذ بناء على ذلك ، لا إشكال في وجوب الإتيان بالفعل خارج الوقت ، بنفس الدليل والخطاب الأول ، لأنّ غاية ما يقتضيه فوات الوقت ، هو فوات التكليف الثاني ، بينما يبقى التكليف الأول المتعلق بذات الفعل على حاله.
٢ ـ النحو الثاني ، هو : أن يكون دليل التوقيت لسانه لسان تقييد الوجوب المستفاد من الدليل الأول ، إلّا أنّه تقييد لبعض مراتب هذا الوجوب ، فكأنّ الوجوب المستفاد من الدليل الأول له مراتب ، فالمرتبة الشديدة تقيّد بالوقت ، بلسان الدليل الثاني ، وأمّا المرتبة الضعيفة من الوجوب ، فهي متعلّقة بطبيعي الوجوب ، وهذا هو معنى أنّ دليل التوقيت يكون تقييدا لبعض مراتب الوجوب.
فلو أمكن هذا الفرض ، تعيّن أيضا ثبوت القضاء بالدليل الأول ، لأنّه يكون عندنا من أول الأمر وجوبان : وجوب ضعيف متعلق بالجامع ، ووجوب شديد متعلق بالحصة ، غايته أنّ الضعيف استفيد من الأول ، والشديد استفيد من الثاني.
والفرق بين هذه الصورة ، والصورة الأولى ، هو : إنّه في الصورة الأولى ، استفيد وجوب الجامع من الدليل الأول ، ووجوب الحصة ، استفيد من الدليل الثاني.
وأمّا في هذا النحو ، فالوجوبان مستفادان من الدليل الأول ، ووظيفة الدليل الثاني في هذا النحو هي أن تقيّد ما هو معروض بعض مراتب الوجوب التي استفيدت من الدليل الأول فقط ، وليست وظيفة الدليل الثاني إنشاء الوجوب.
والخلاصة ، هي : إنّ دليل التوقيت في هذا النحو ، لم يرد بلسان الأمر بالتقييد أو بالمقيّد ، بل ورد بلسان تقييد الأمر في الدليل الأول الدّال على أصل الواجب. إلّا أنّه لا يقيّد أصل الوجوب فيه ، وإنّما يقيّد المرتبة الشديدة من ذلك الوجوب ، مع بقاء أصل الوجوب غير مقيّد بالوقت.