وبعبارة أخرى ، إنّ السيد الخوئي «قده» يرى أنّ الوضع ينتج مدلولا تصديقيا لا مجرد خطور ، ولذلك فهو يتساءل ، إنه : ما هو الذي يكشف عن الوضع كشفا تصديقيا؟ إذ لا الفرد التكويني يكشف حينئذ ، ولا الفرد التشريعي كذلك ، لأن المنكشف لا بدّ من مغايرته للكاشف ، والمفروض أنّه عينه.
إذن لا بدّ أن يكون مدلولهما أمرا آخر غير التحريك والزجر.
وأمّا بناء على مسلك المشهور ومختارنا ، من أنّ الوضع هو منشأ الدلالة التصورية فقط ، فمدلول مادة الأمر والنهي معنى اسمي ، ومدلول الصيغة فيهما معنى حرفي نسبي ، ودلالة الصيغة دلالة تصورية ، فمدلول هيئتهما النسبة التكوينية الخارجية التي انتزع عنها ذلك المعنى الاسمي ـ كما تقدّم في معاني الهيئات ـ فهي النسبة الإرسالية التحريكيّة في «افعل» ، وهي النسبة الزجريّة الردعيّة في «لا تفعل» ، وكلتا النسبتين يراد منهما الإرسال والزجر الخارجيّين التكوينيّين كمفهوم تصوّري لا تصديقي ، فلا يرد حينئذ ، أنّ هذا واضح البطلان لما عرفت من السيد الخوئي «قده» ، لأنّ المدلول التصديقي ـ الذي هو عندنا كما هو عند المشهور ـ ليس من صنع الوضع ، بل هو يرجع إلى الظهور الحالي ، فإنه إذا صدر الكلام من المتكلم ، يكون لهذا الكلام معنى تصوري ، فيستظهر من حال المتكلم ، ويكشف كشفا تصديقيا عن أنّ المعنى والمراد الحقيقي القائم في نفس المتكلم هو الداعي للتحريك التشريعي والزجر التشريعي ، ف «افعل» تدل على أنّ المولى يريد أن يحرّك العبد حقيقة ، و «لا تفعل» تدل على إرادة المولى ، الزجر حقيقة ، وبهذا يكون مدلول النهي غير مدلول الأمر تصورا وتصديقا.
وهذه الصيغة معقولة ، وإن كان ينقصها الوجدان.
الكلمة الثانية : وهي ما اختاره السيد الخوئي «قده» (١). وحيث أنه بنى
__________________
(١) المصدر نفسه